ويؤيد ذلك ما ثبت في الصحيحين عن البراء، أن أول صلاة صلاها عليه السلام إلى الكعبة بالمدينة العصر.
والعجب أن أهل قباء لم يبلغهم خبر ذلك إلى صلاة الصبح من اليوم الثاني، كما ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر، قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.
وفى صحيح مسلم عن أنس بن مالك نحو ذلك * * * والمقصود أنه لما نزل تحويل القبلة إلى الكعبة، ونسخ به الله تعالى حكم الصلاة إلى بيت المقدس، طعن طاعنون من السفهاء والجهلة والأغبياء، قالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟
هذا والكفرة من أهل الكتاب يعلمون أن ذلك من الله، لما يجدونه من صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم، من أن المدينة مهاجره، وأنه سيؤمر بالاستقبال إلى الكعبة كما قال: " وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم " الآية.
وقد أجابهم الله تعالى مع هذا كله عن سؤالهم، ونعتهم فقال: " سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. قل: لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " أي هو المالك المتصرف، الحاكم الذي لا معقب لحكمه، الذي يفعل ما يشاء في خلقه، ويحكم ما يريد في شرعه، وهو الذي يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم، ويضل من يشاء عن الطريق القويم، وله في ذلك الحكمة التي يجب لها الرضا والتسليم.