فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم (1)، عن محمد بن كعب القرظي، حدثني أبو يزيد محمد ابن خيثم (1)، عن عمار بن ياسر، قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة [من بطن ينبع (2)] فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بها شهرا، فصالح بها بنى مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة فوادعهم، فقال لي علي بن أبي طالب:
هل لك يا أبا اليقظان أن نأتى هؤلاء النفر من بني مدلج يعملون في عين لهم، ننظر كيف يعملون؟ فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة فغشينا النوم، فعمدنا إلى صور (3) من النخل في دقعاء (4) من الأرض فنمنا فيه، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا بقدمه، فجلسنا وقد تتربنا من تلك الدقعاء، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى: [مالك (5)] يا أبا تراب؟ لما عليه من التراب، فأخبرناه بما كان من أمرنا فقال:
" ألا أخبركم بأشقى الناس رجلين؟ " قلنا: بلى يا رسول الله. فقال " أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسه (6)، حتى تبل منها هذه، ووضع يده على لحيته ".
وهذا حديث غريب من هذا الوجه له شاهد من وجه آخر في تسمية على أبا تراب، كما في صحيح البخاري، أن عليا خرج مغاضبا فاطمة، فجاء المسجد فنام فيه فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عنه فقالت خرج مغاضبا فجاء إلى المسجد فأيقظه وجعل يمسح التراب عنه ويقول: " قم أبا تراب قم أبا تراب ".