قسم غنائم بدر على السواء بين الناس، ولم يخمسها. ثم نزل بيان الخمس بعد ذلك ناسخا لما تقدم.
وهكذا روى الوالبي، عن ابن عباس، وبه قال مجاهد وعكرمة والسدي، وفى هذا نظر.
والله أعلم. فإن في سياق الآيات قبل آية الخمس وبعدها كلها في غزوة بدر، فيقتضى أن أن ذلك نزل جملة في وقت واحد غير متفاصل بتأخر يقتضى نسخ بعضه بعضا.
ثم في الصحيحين عن علي رضي الله عنه، أنه قال في قصة شارفيه اللذين اجتب أسنمتهما حمزة، أن إحداهما كانت من الخمس يوم بدر، ما يرد صريحا على أبى عبيد أن غنائم بدر لم تخمس. والله أعلم. بل خمست كما هو قول البخاري وابن جرير وغيرهما، وهو الصحيح الراجح. والله أعلم.
فصل في رجوعه عليه السلام من بدر إلى المدينة، وما كان من الأمور في مسيره إليها مؤيدا منصورا، عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام وقد تقدم أن الوقعة كانت يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة اثنتين من الهجرة.
وثبت في الصحيحين أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاثة أيام، وقد أقام عليه السلام بعرصة بدر ثلاثة أيام كما تقدم، وكان رحيله منها ليلة الاثنين، فركب ناقته ووقف على قليب بدر، فقرع أولئك الذين سحبوا إليه كما تقدم ذكره.
ثم سار عليه السلام ومعه الأسارى والغنائم الكثيرة، وقد بعث عليه السلام بين يديه بشيرين إلى المدينة بالفتح والنصر والظفر على من أشرك بالله وجحده وبه كفر، أحدهما عبد الله بن رواحة إلى أعالي المدينة، والثاني زيد بن حارثة إلى السافلة.