فبعثه إلى المطعم بن عدي ليجيره فقال: نعم، قل له فليأت.
فذهب إليه رسول الله صلى عليه وسلم فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح خرج معه هو وبنوه ستة أو سبعة متقلدي السيوف جميعا، فدخلوا المسجد وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: طف. واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف.
فأقبل أبو سفيان إلى مطعم فقال: أمجير أو تابع؟ قال: لا بل مجير.
قال: إذا لا تخفر.
فجلس معه حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه. وذهب أبو سفيان إلى مجلسه.
قال: فمكث أياما ثم أذن له في الهجرة.
فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة توفى مطعم بن عدي بعده بيسير، فقال حسان بن ثابت: والله لأرثينه. فقال فيما قال:
فلو كان مجد مخلد اليوم واحدا * من الناس نحى مجده اليوم مطعما أجرت رسول الله منهم فأصبحوا * عبادك ما لبى محل وأحرما فلو سئلت عنه معد بأسرها * وقحطان أو باقي بقية جرهما لقالوا: هو الموفى بخفرة جاره * وذمت يوما إذا ما تجشما وما تطلع الشمس المنيرة فوقهم * على مثله فيهم أعز وأكرما إباء إذا يأبى وألين شيمة * وأنوم عن جار إذا الليل أظلما قلت: ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أسارى بدر: " لو كان المطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء النتنى (1) لوهبتهم له ".