ثم التفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال: إلام تدعو يا أخا قريش؟ (1) فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم] فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه فقال صلى الله عليه وسلم: " أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنى رسول الله، وأن تؤووني وتنصروني حتى أؤدي عن الله الذي أمرني به، فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله، وكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغنى الحميد ".
قال له: وإلام ما تدعو أيضا يا أخا قريش؟
فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم: ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " إلى قوله " ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ".
فقال له مفروق: وإلام ما تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه.
فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون ".
فقال له مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.
وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا.
فقال له هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش وصدقت قولك، وإني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر، لم نتفكر في أمرك وننظر في عاقبة ما تدعو إليه، زلة في الرأي، وطيشة في العقل،