فقال: أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر، إنا جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا: من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوى إليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوى إليه أحد إلا أهوى إليه.
فهذا أشجع الناس.
قال: ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش، فهذا يحاده، وهذا يتلتله، ويقولون: أنت جعلت الآلهة إلها واحدا، فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب ويجاهد هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم! أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله.
ثم رفع على بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال: أنشدكم الله:
أمؤمن آل فرعون خير أم هو؟ فسكت القوم، فقال على: فوالله لساعة من أبى بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه.
ثم قال البزار: لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه.
فهذه خصوصية للصديق، حيث هو مع الرسول في العريش، كما كان معه في الغار رضي الله عنه وأرضاه.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الابتهال والتضرع والدعاء، ويقول فيما يدعو به:
" اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض " وجعل يهتف بربه عز وجل ويقول: " اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم نصرك ".
ويرفع يديه إلى السماء حتى سقط الرداء عن منكبيه، وجعل أبو بكر رضي الله عنه