أبو مخنف لوط بن يحيى في كتابه الذي صنفه في حرب الجمل وجاء به الثقفي عن رجال الكوفيين، والشاميين، وغيرهم ولم يورد أحد من أصحاب الآثار نقيضه في معناه ولا ثبت ضده في فحواه، ومن تأمل ذلك علم أن القوم لم يكونوا فيما صنعوه على جميل طوية في الدين ولا للمسلمين، وإن الذي أظهروه من الطلب بدم عثمان إنما كان تشبيها وتلبيسا، على العامة والمستضعفين ولولا ما جعلوه من شعارهم بدعوى الانتصار بعثمان، والتظاهر بتظليم قاتليه وخاذليه والندم على ما فرط منهم فيه لما اختلف اثنان من العلماء وأتباعهم في صواب رأي المسلمين مما كان في عثمان وأنهم إنما اجتمعوا على خلعه وقتله باستحقاقه ذلك بالأحداث التي أحدثها في الدين ولكنهم ضلوا بما أظهروه وأفسدوا إفسادا عظيما بما أظهروه، ولم يثر المستضعفين في هذا الباب إلا لنأيهم عن معرفة الأخبار وتدبر الآثار واشتبه الأمر فيه على جماعة النظار بجهلهم بما أثبتناه في ذلك من الحديث، وبعدهم عن معرفة طرقه ولعل جمهورهم لم يسمع بشئ منه فضلا عن تدبره وكل من ضل عن سبيل الحق إنما ضل بالتقليد، وحسن الظن بمن لا يحسب حسن الظن لله فيه واعتقاد فضل من قد خرج عنه بسوء الرأي، وطريق الإنصاف، فيما ذكرناه والنظر فيما وصفناه والتأمل لما أثبتناه من الأخبار فيه وشرحناه والرجوع إلى أهل السير وإلى اختلافهم في الآراء والمذهب وإلى كتبهم المصنفة في الفتن تعرف ذلك منهما ومن تدبر الأمر يجده على ما وصفناه والله ولي التوفيق.
براءة أمير المؤمنين من الدم:
باب آخر في القول فيما يتصل بالمقدم من الكلام في معانيه ثم قد اشتبه الأمر في رأي أمير المؤمنين عليه السلام ومذهبه في حصر عثمان