والخبر مشهور أنه لما بعث إليها أمير المؤمنين بالبصرة أن ارتحلي عن هذه البلدة قالت لا أريتم مكاني هذا فقال لها أمير المؤمنين أم والله لترتحلين أو لأبعثن إليك نسوة من بكر بن وائل يأخذنك بشفار حداد فقالت لرسوله ارتحل فبالله أحلف ما كان مكان أبغض إلي من مكان يكون هو فيه، وأمثال هذا مما لو أثبتناه لطال به الكتاب ومما يؤكد ما ذكرناه من أن غرض القوم كان في مباينة أمير المؤمنين (ع) ومظاهرته بالخلاف وأنه لم يكن لإقامة حق واجتهاد ورأي في إصابة طاعة وحوز مثوبة بل كان لضغاين بينه وبينهم لأسباب سالفة وآنفة أو طمع في عاجل أو حسد له وبغي عليه.
عائشة تفرح وتحزن:
وإن حكم المرأة لما ذكرناه ظاهر لذوي الاعتبار، وما أجمع على نقله رواة الآثار، ونقلة السير والأخبار أنه لما قتل عثمان بن عفان خرج البغاة إلى الآفاق فلما وصل بعضهم إلى مكة سمعت بذلك عائشة فاستبشرت بقتله وقالت قتلته أعماله إنه أحرق كتاب الله وأمات سنة رسول الله فقتله الله (1) ومن بايع الناس؟ فقال لها الناعي لم أبرح المدينة حتى أخذ طلحة بن عبد الله نعاجا لعثمان وعمل مفاتيح لأبواب بيت المال ولا شك أن الناس قد بايعوه فقالت أي هذا الأصيبع وجدوك لها محسنا وبها كافيا ثم قالت شدوا رحلي فقد قضيت عمرتي لأتوجه إلى