فصارا إلى أمير المؤمنين فطلب منه طلحة ولاية العراق وطلب منه الزبير ولاية الشام فأمسك علي عن إجابتهما في شئ من ذلك فانصرفا وهما ساخطان وقد عرفا ما كان غلب في ظنهما قبل من رأيه (ع) فتركاه يومين أو ثلاثة أيام ثم صارا إليه واستأذنا عليه فأذن لهما وكان في علية داره فصعدا إليه وجلسا عنده بين يديه وقالا يا أمير المؤمنين قد عرفت حال هذه الأزمنة وما نحن فيه من الشدة وقد جئناك لتدفع إلينا شيئا نصلح به أحوالنا ونقضي به حقوقا علينا فقال عليه السلام قد عرفتما مالي (بينبع) فإن شئتما كتبت لكما منه ما تيسر فقالا لا حاجة لنا في مالك (بينبع) فقال لهما ما أصنع؟ فقالا له أعطنا من بيت المال شيئا لنا فيه كفاية فقال سبحان الله وأي يد لي في بيت المال وذلك للمسلمين وأنا خازنهم وأمين لهم فإن شئتما رقيتما المنبر وسألتما ذلك ما شئتما فإن أذنوا فيه فعلت وأنى لي بذلك وهو لكافة المسلمين شاهدهم وغائبهم لكني أبدي لكما عذرا فقالا ما كنا بالذي نكلف ذلك ولو كلفناك لما أجابك المسلمون فقال لهما ما أصنع؟ قالا قد سمعنا ما عندك ثم نزلا من العلية وكان في أرض الدار خادمة لأمير المؤمنين سمعتهما يقولان والله ما بايعنا بقلوبنا وإن كنا بايعنا بألسنتنا فقال أمير المؤمنين عليه السلام (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) فتركاه يومين آخرين وقد جائهما الخبر بإظهار عائشة بمكة ما أظهرته من كراهة أمره وكراهة من قتل عثمان والدعاء إلى نصره والطلب بدمه وأن عمال عثمان قد هربوا من الأمصار إلى مكة بما احتجبوه من أموال المسلمين ولخوفهم من أمير المؤمنين ومن معه من المهاجرين والأنصار وأن مروان بن الحكم بن عم عثمان ويعلى بن منبه خليفته وعامله كان باليمن وعبد الله بن عامر بن كريز ابن عمه وعامله على البصرة وقد
(٨٨)