وروى الواقدي عن هشام بن سعد عن شيخ من مشايخ أهل البصرة قال لما صف علي بن أبي طالب صفوفه أطال الوقوف والناس ينتظرون أمره فاشتد عليهم ذلك فصاحوا حتى متى فصفق بإحدى يديه على الأخرى ثم قال عباد الله لا تعجلوا فإني كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وآله يستحب أن يحمل إذا هبت الرياح قال فأمهل حتى زالت الشمس وصلى ركعتين ثم قال ادعوا ابني محمدا فدعي له محمد بن الحنفية فجاء وهو يومئذ ابن تسع عشرة سنة فوقف بين يديه ودعى بالراية فنصبت فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما هذه الراية لم ترد قط ولا ترد أبدا وإني واضعها اليوم في أهلها ودفعها إلى ولده محمدا وقال تقدم يا بني فلما رآه القوم قد أقبل والراية بين يديه فتضعضعوا فما هو إلا أن الناس التقوا ونظروا إلى غرة أمير المؤمنين ووجدوا مس السلاح حتى انهزموا.
وروى الواقدي قال حدثني عبد الله بن عمر عن علي بن أبي طالب قال لما سمع أبي أصواب الناس يوم الجمل وقد ارتفعت فقال لابنه محمد ما يقولون؟ قال يقولون يا لثارات عثمان قال فشد عليهم وأصحابه يهشون في وجهه يقولون ارتفعت الشمس وهو يقول الصبر أبلغ حجة.
خطبة علي عليه السلام يوم الجمل:
ثم قام خطيبا يتوكأ على قوس عربية فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه وقال:
أما بعد فإن الموت طالب حثيث لا يفوته الهارب ولا يعجزه فاقدموا ولا تتكلوا وهذه الأصوات التي تسمعوها من عدوكم فشل واختلاف إنا كنا نؤمر في الحرب بالصمت فعضوا على الناجذ واصبروا لوقع السيوف فوالذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على فراشي فقاتلوهم صابرين محتسبين فإن الكتاب معكم والسنة معكم ومن