زحفا إليهم لا نمل زحفا * حتى نلاقي (1) بعد صف صفا وبعد ألف قاسطين ألفا * نكشفهم لدى الهياج كشفا ثم سار ابن الأشتر في جيشه ذلك حتى صار إلى المدائن، فنزلها أياما ثلاثة، ثم رحل عنها وجد السير حتى صار بتكريت، فلما نزلها أمر بجباية خراجها، فجبي له الخراج في أيام قلائل، فأخذه وفرقه على من كان معه من أصحابه، وبعث إلى عبيد الله بن الحر بخمسة آلاف درهم. قال: فغضب ابن الحر لذلك، ثم بعث إلى ابن الأشتر فقال: أيها الأمير! أتبعث إلي بخمسة آلاف درهم وتقبض لنفسك على ما بلغني عشرة آلاف درهم! والله ما أنا بدونك في هذا العسكر، ولا كان الحر بن عمرو بدون أبيك مالك بن الحارث، فلم تأخذ أنت من المال ما آخذه أنا. قال:
فبعث إليه ابن الأشتر: والله يا بن عم! ما أخذت إلا كما أخذت وقد وجهت إليك بالخمسة آلاف درهم التي صارت إلي. قال: فأبى ابن الحر أن يقبل من ذلك شيئا، وعزم على مخالفة القوم والخروج عليهم.
ابتداء خبر عبيد الله بن الحر الجعفي قال أهل العلم كما حدثني به غير واحد من جمع (2) هذه العلوم أن عبيد الله بن الحر كان رجلا من سادات أهل الكوفة، وبها ولد وبها نشأ، وهو عبيد الله بن الحر بن عمرو بن خالد بن المجمع بن مالك بن كعب بن (3) عوف بن حريم بن (3) جعفي، وكان مقيما بالكوفة في خلافة عثمان بن عفان، قال: فلما قتل عثمان وكان من أمر الجمل ما كان، خرج عبيد الله بن الحر إلى معاوية بالشام فالتجأ إليه، ولم يشاهد حرب الجمل، حتى إذا قدم علي بن أبي طالب رضي الله عنه من البصرة إلى الكوفة وخرج إلى الشام فحاربه معاوية فدعاه ثم قال: يا بن الحر! إننا احتجنا إلى معاونتك ولك عندنا بالرضا! فقال له ابن الحر: إني لا يتهيأ لي ذلك لأنني رجل من الكوفة وهؤلاء الذين مع علي بن أبي طالب أكثرهم قومي وعشائري، ولم أخرج من عندهم مكرها، ولم يقتل علي عثمان بن عفان فأقاتله! فإن رأيت أن تعفيني من قتال علي فافعل أنت، فإذا انصرف عنك علي فأقاتل من شئت من بعده. قال: فغضب