قتلك أو تخليدك السجن، قال فقال سراقة: ولم ذلك فو الله فعليه كذا وكذا إن لم أر الملائكة بالأمس تقاتل معك، فلما وضعت الحرب أوزارها رأيت الملائكة تطير بين السماء والأرض، فقال له المختار: وأنا أحلف أنك ما رأيت شيئا مما رأيت من أمر الملائكة، وقد حلفت بالله كاذبا، وقد حقنت لك دمك فأخرج عن الكوفة والحق بأي بلد شئت (1)! قال فقال سراقة: صدقت والله أصلح الله الأمير ما رأيت شيئا وما كنت في يمين حلفت بها ساعة قط أشد اجتهادا ولا مبالغة في الكذب من تلك اليمين، ولكني خفت سيفك. قال: ثم خرج سراقة بن مرداس من الكوفة هاربا حتى صار إلى مصعب بن الزبير فحدثه بقصته، ثم أنشأ يقول:
ألا أبلغ أبا إسحاق أني * رأيت البلق دهما مصمتات كفرت بوحيكم وجعلت نذرا * علي قتالكم حتى الممات (2) أرى عيني ما لم تبصراه (3) * كلانا عالم بالترهات إذا قالوا أقول لكم (4) كذبتم * وإن خرجوا لبست لهم أداتي قال: فبلغ المختار ما قاله سراقة (5) بن مرداس فقال: أما أنا فلو علمت ذلك منه لما أفلت من مخالبي.
ذكر مقتل الشمر بن ذي الجوشن ثم دعا المختار بغلام له أسود يقال له رزين (6)، وكان فارسا بطلا، فقال: ويلك يا رزين! قد بلغني عن الشمر بن ذي الجوشن أنه قد خرج عن الكوفة هاربا في نفر من غلمانه ومن اتبعه (7)، فأخرج في طلبه فلعلك تأتيني به أو برأسه، فإني ما أعرف