من قاتل الحسين بن علي أعتى منه ولا أشد بغضا لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: فاستوى رزين على فرسه وخرج في طلب الشمر بن ذي الجوشن فجعل يسير مسيرا عنيفا، وهو في ذلك يسأل عنه فيقال له: نعم إنه قد مر بنا آنفا، فلم يزل ذلك حتى نظر إليه من بعيد، قال: وحانت من الشمر التفاته فنظر إلى رزين غلام المختار فقال لغلمانه: سيروا أنتم فإن الكذاب قد بعث بهذا الفارس في طلبي!
قال: ثم عطف الشمر على غلام المختار وتطاعنوا برمحي هم، طعنه الشمر طعنة قتله ثم مضى.
قال: وبلغ ذلك المختار فاغتم لذلك غما شديدا، ثم دعا برجل يقال له عبد الرحمن بن عبيد الهمداني، فضم إليه عشرة من أبطال أصحابه ثم قال: يا عبد الرحمن! إن الشمر قد قتل غلامي رزينا ومر على وجهه، ولست أدري أي طريق سلك، ولكني أنشدك بالله يا أخا همدان ألا قررت عيني أنت ومن معك بقتله إن قدرتم على ذلك.
قال: فخرج عبد الرحمن بن عبيد في عشرة من أصحاب المختار في طلب الشمر بن ذي الجوشن، فجعلوا يسيرون وهم يسألون عنه ويمضون على الصفة، قال: والشمر قد نزل إلى جانب قرية على شاطئ الفرات يقال لها الكلتانية (1) وهو جالس في غلمانه، ومعه قوم قد صحبوه من أهل الكوفة من قتلة الحسين بن علي رضي الله عنهما، وهم آمنون مطمئنون، والشمر قد نزع درعه ورمى به ورمى ثيابه واتزر بمئزر وجلس، ودوابه بين يديه ترعى، فقال له بعض أصحابه ممن كان معه:
إنك لو رحلت بنا عن هذا المكان لكان الصواب فإنك قد قتلت غلام المختار، ولا نأمن أن يكون قد وجه في طلبنا! قال: فغضب الشمر من ذلك وقال: ويلكم أكل هذا خوفا وجزعا من الكذاب، والله لا برحت من مكاني هذا إلى ثلاثة أيام ولو جاءني الكذاب في جميع أصحابه! قال: فو الله ما فرغ من كلامه حينا حتى أشرفت عليه خيل المختار، فلما نظر إليهم وثب قائما فتأملهم، قال: ونظروا إليه وكان أبرص، والبرص على بطنه وسائر بدنه كأنه ثوب ملمع. قال: ثم ضرب بيده إلى رمحه ثم دنا من أصحاب المختار وهو يومئذ متزر بمنديل وهو يرتجز ويقول: