والله أوجب حقا على الأمة منك وأحق بالمودة والنصر لحق علي بن أبي طالب وقرابته من الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم! ولو أني أعتمد على الناس بحق النبوة أنها في بني هاشم دون غيرهم لكان ينبغي لذوي الرأي والعلم أن يأخذوا برأيي ويستمعوا لقولي، ويكونوا لي أود ومني أسمع ولي أنصح منهم لك يا بن الزبير.
قال: فلم يزل هذا الكلام بين محمد ابن الحنفية وبين عبد الله بن الزبير وقد ضاق الناس بعضهم بعضا في المسجد الحرام عليهم السلاح، والمعتمرون يمشون بينهم بالصلح حتى سكت ابن الزبير ولم يقل شيئا، وخرج ابن الحنفية ومن معه من أصحابه حتى نزل في شعب أبي طالب، ثم جمع أصحابه فقسم عليهم من المال الذي وجه به المختار ما قسم، وقسم باقي ذلك في أهل بيته وقرابته، وأقام في ذلك الشعب ممنوعا، فهذا أول خبر ابن الحنفية مع ابن الزبير، وسنرجع إلى أخبارهم بعد هذا إن شاء الله ولا قوة إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ثم رجعنا إلى حديث المختار قال: ثم عزم المختار على هدم دار أسماء بن خارجة الفزاري وإحراقها لأنه كان ممن عمل في قتل مسلم بن عقيل رضي الله عنهم. قال فجعل يقول: أما ورب السماء والماء ورب الضياء والظلماء! لتنزلن نار من السماء، حمراء دهماء سحماء، فلتحرقن في دار أسماء. قال: وبلغ ذلك أسماء بن خارجة فقال: إنه قد سجع وليس ههنا مقام بعد هذا قال: ثم خرج أسماء من داره هاربا حتى صار إلى البادية، وأرسل المختار إلى داره ودور بني عمه فهدمها عن آخرها.
ثم دعا برجل من أصحابه يقال له حوشب بن يعلى الهمداني فقال: ويحك يا حوشب! أنت تعلم أن محمد بن الأشعث من قتلة الحسين بن علي، وهو الذي قال له بكربلاء ما قال، الله ما يهنئني النوم ولا القرار ورجل من قتلة الحسين بن علي يمشي علي وجه الأرض! وقد بلغني أنه في قرية إلى جنب القادسية فسر إليه في مائة رجل من أصحابك فإنك تجده لاهيا متصيدا، أو قائما متلبدا، أو خائفا متلددا، أو كامنا مترددا (2)، فاقتله وجئني برأسه. قال: فخرج حوشب بن يعلى الهمداني في مائة رجل من أصحابه حتى صار إلى قرية محمد بن الأشعث، وعلم ابن الأشعث