هذه أول وقعة كانت للأزارقة مع المهلب بن أبي صفرة قال: وعبت الأزارقة يومئذ خيولها، وعبى المهلب أصحابه، وكان على ميمنته ابناه زيد وحرون، وعلى ميسرته ابنه المغيرة وقبيصة، وعلى جناح ميمنته ابنه عبد الملك، وعلى جناح ميسرته ابنه المفضل، وفي كمينه ابنه زياد ومروان، وبين يديه ابناه محمد وحماد. ثم وقف المهلب بين الصفين ورفع صوته فقال: يا بني!
إن أول غزوكم إنصافكم لإخوتكم المسلمين وأن تؤاسوهم بأنفسكم، وإن أول إنصافي لكم أن لا أظلمكم حقكم في أمر الحسين، فباشروا الحرب بأنفسكم، واستقبلوا حر السيوف بوجوهكم وسنان الرماح بصدوركم ونحوركم، واعلموا أنها منزلتان: إما شهادة وإما ظفر. قال: وجعلت الأزارقة تسمع كلام المهلب ووصيته لأولاده فأيقنوا بالموت.
قال: ثم دعا المهلب بغلام له يقال له ذكران (1) فدفع إليه اللواء، وقال: تقدم بين يدي! وإياك أن ترجع، فإنك إن رجعت ضرب عنقك، وإن وقفت لي في هذا اليوم فأنت حر وجاريتي ريحانة لك! قال: فتقدم ذكران بين يدي المهلب، ودنا القوم بعضهم من بعض، فاقتتلوا قتالا شديدا، وأقبل صاحبهم عبيد الله (2) بن ماحوز وقتل أخوه عثمان، وقتل منهما نيف على ثلاثمائة رجل من أبطال الأزارقة في معركة واحدة، ثم وقعت عليه الهزيمة فانهزموا، فأنشأ عوف بن بشر السبتي من أصحاب المهلب في ذلك يقول:
قد نفينا العدو أمس عن الجي * ش وقد زحزحوا عن الأهواز بطعان مهالك القتل فيه * موشك الحلف للنفوس العراز