آخر يقال له عبد الله بن حملة الخثعمي (1) في ثلاثة آلاف، قال: وأقبل القوم حتى نزلوا حذاء يزيد بن أنس.
قال: واعتل يزيد بن أنس في ليلته تلك علة شديدة وأصبح موعوكا لما به، فدعا بحمار له مصري فاستوى عليه وجعل يجول في عسكره وغلمانه يمسكونه من ضعفه أن لا يسقط من الحمار، فجعل يوصي أصحابه ويقول: يا شرطة الله!
اصبروا تؤجروا، وصابروا عدوكم تظفروا، وقاتلوا أولياء الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفا، فقد ترون ما بي من العلة فإن هلكت فأميركم من بعدي ابن عمي ورقاء (2) بن عازب الأسدي، فإن أصيب فعبد الله بن ضمرة العذري (3)، فإن أصيب فسعر بن أبي سعر الحنفي. قال: ثم نزل عن الحمار ووضع له كرسي، فجلس عليه وجعل يقول: إن شئتم فقاتلوا عن أميركم وإن شئتم فعن أنفسكم ودينكم، وخذوا بدم ابن بنت نبيكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم دنا القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا ساعة، وحمل ورقاء بن عازب الأسدي على رجل من أهل الشام فضربه ضربة نكسه عن فرسه قتيلا. ثم ساح بأهل العراق فحملوا وحمل معهم، وانهزم أهل الشام هزيمة قبيحة، ووضع أهل العراق فيهم السيف، فجعلوا يقتلونهم خمسة فراسخ حتى ألحقوهم بصاحبهم عبيد الله بن زياد (4)، وقد قتل منهم من قتل، وأسر منهم ثلاثمائة رجل أو يزيدون، فأتي بهم إلى يزيد بن أنس وهو لما به حتى أوقفهم بين يديه فجعل يؤمي بيده أن اضربوا أعناقهم!
قال: فضربت أعناقهم عن آخرهم.
فلما كان الليل اشتدت العلة بيزيد بن أنس فتوفي في بعض الليل (5) رحمه الله! فغسل وكفن وحفر له ناحية من العسكر، وتقدم ورقاء بن عازب الأسدي فصلى عليه، ودفن في جوف الليل وسوي قبره بالأرض لكيلا يعلم أحد بموضع