المسجد الأعظم وخرج المختار من (1) قصر الإمارة حتى دخل المسجد فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه.
ذكر كلام المختار على المنبر ثم قال: الحمد لله الذي وعد وليه النصر، ووعد عدوه الخسر والخذل والختر، وجعله فيه إلى آخر الدهر قضاء مقضيا، [و] وعدا مأتيا، وقولا مقبولا، وأمرا مفعولا، وقد خاب من افترى، أيها الناس! قد مدت لنا غاية، ورفعت لنا راية، فقيل لنا في الراية أن ارفعوها ولا تضعوها، وفي الغاية أن (2) خذوها ولا تدعوها، فسمعنا دعوة الداعي وقبلنا قول الراعي (3)، فكم من ناع وناعية لقتلى في الواعية! ألا! فبعدا لمن طغى وبغى، وجحد ولغى، وكذب وعصى، وأدبر وتولى، ألا! فهلموا عباد الله إلى بيعة الهدى، ومجاهدة الأعداء والذب عن الضعفاء من آل محمد المصطفى، على قتال المحلين، وأنا الطالب بدم ابن بنت نبي رب العالمين، أما! ومنشئ السحاب، الشديد العقاب، السريع الحساب، منزل الكتاب، العزيز الوهاب، القدير الغلاب، لأنبشن قبر ابن شهاب، المفتري الكذاب، المجرم المرتاب! ولأنفين الأحزاب، إلى دار بلاد الأعراب! ثم ورب العالمين، ورب البلد الأمين، وحرمة طور سينين، لأقتلن الشاعر الهجين، أعسى الباغضين، وشويعر الحنظلين، وزاجر البارقين، وابن همام اللعين، وأولياء الكافرين، وأعوان الظالمين، وبقايا القاسطين، وإخوان الشياطين، الذين اجتمعوا على الأباطيل، وتقولوا على الأقاويل، وتمثلوا بالأماثيل، وجاؤوا بالأماحيل، وتسكعوا في الأضاليل، بأقوال المجاهيل، الكذبة الأراذيل! ألا! فطوبى لعبد الله، وعبيد وأخي ليلة الطريدة، ولذي الأخلاق الحميدة، والعزائم الشديدة.
والمقالات الرشيدة، والأفاعيل السديدة، والآراء العتيدة، والنفوس السعيدة.
قال: ثم قعد على المنبر ووثب قائما وقال: أما! والذي جعلني بصيرا، ونور قلبي تنويرا، لأحرقن بالمصر دورا! ولأنبشن بها قبورا! ولأشفين بها صدروا!
ولأقتلن جبارا كفورا، ملعونا وغدورا! وكفى بالله هاديا ونصيرا، وعن قليل ورب