بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خير منك ومن أبيك. قال: فازداد غضب ابن الزبير ثم قال: لقد علمت أنك ما زلت لي ولأهل بيتي مبغضا منذ كنت، ولقد كتمتم بغضكم يا بني هاشم أربعين (1) سنة، فقال ابن عباس: فازدد إذا بي قضبا، فو الله لا نبالي أحببتنا أم أبغضتنا! قال له ابن الزبير: اخرج عني، لا أراك تقربني! قال ابن عباس: أنا أزهد فيك من أن تراني عندك. قال ابن الزبير: دع عنك هذا واذهب إلى عمك هذا فقل ليخرج عن جواري ولا يتربص، فإني ما أظنه سالما مني أو يصيبه مني ظفر.
قال ابن عباس: ما ولوعك بابن عمي وما تريد منه؟ قال: أريد منه أن يبايع كما بايع غيره! قال ابن عباس: مهلا يا بن الزبير! احذر، فإن مع اليوم غدا. قال ابن الزبير: صدقت مع اليوم غد، وليس يجب عليك أن تكلمني في رجل ضعيف سخيف، ليس له قدم ولا أثر محمود. قال: فتنمر ابن عباس غضبا ثم قال له: إنه ليس على هذا صبر يا بن الزبير! والله إن أباه لأفضل من أبيك، أسرته خير من أسرتك، وإني لفي نفسه خير منك، وبعد فرماه الله بك إن كان شرا منك في الدين والدنيا.
قال ثم خرج ابن عباس من عند ابن الزبير مغضبا، وأقبل حتى جلس في الحجر، واجتمع إليه قوم من أهل بيته ومواليه، فقالوا: ما شأنك يا بن عباس؟
فقال: ما شأني! أيظن ابن الزبير أني مساعده على بني عبد المطلب؟ والله إن الموت معهم لأحب إلي من الحياة معه، أما والله! إن كان ابن الحنفية سخيفا ضعيفا كما يقول لكانت أنملته أحب إلي من ابن الزبير وآل الزبير، فإنه والله عندي لأوفر عقلا من ابن الزبير وأفضل من دينا وأصدق منه حياء وورعا! قال فقال له رجل من جلسائه: يا بن عباس! إنه قد ندم على ما كان من كلامه، وهو الذي بعثنا اعتذارا. قال ابن عباس: فليكف عن أهل بيته، فقد قال القائل " غثك خير من سمين غيرك ". أما والله! لو فتح لي من بصري لكان لي ولابن الزبير ولبني أبيه يوم أرونان.
ذكر ما جرى بين ابن عباس وابن الزبير أيضا من كلام قبيح قال: وبلغ ابن الزبير أن ابن عباس يقول فيه ما يقول: فخرج من منزله في عدة من