ثم رحل بالمسلمين حتى صار إلى عمه محمد بن مروان بالغنائم الكثيرة، ومحمد بن مروان يومئذ في وسط بلاد أرمينية. قال: وجاءت الخزر ثانية حتى نزلت مدينة الباب كما كانت من قبل، وأقام محمد بن مروان بأرض أرمينية ضابطا لها وقد أذل من بها من الكفار ومعه ابن أخيه مسلمة بن عبد الملك، فلم يزالوا هنالك إلى وقت من الأوقات - وسنرجع إلى خبرهم إن شاء الله تعالى -.
ثم رجعنا إلى خبر الأزارقة قال: ثم كتب عبد الملك بن مروان إلى خالد بن عبد الله بن أسيد (1) وهو أمير العراقين فأمره أن يوجه المهلب بن أبي صفرة إلى حرب الأزارقة. قال: فعزم خالد بن عبد الله على حرب الأزارقة، وبلغ ذلك قطري بن الفجاءة صاحب الأزارقة، فقام فهم خطيبا وقال: يا معاشر المهاجرين! إنه قد صار أمرنا إلى ما كنا عليه، وقد كان الناس في المهابة على ما كانوا عليه. فقال له عبيدة بن هلال: يا أمير المؤمنين! أولا تخاف يوما مثل يوم عبد الله (2) بن ماحوز؟ فقال قطري: إننا نخاف ولكن مع الخوف رجاء. قال: ثم سار من بلاد فارس حتى تقاربوا من الأهواز فجبوا الخراج وقتلوا من ناواهم وقوي أمرهم، وتسارع الناس إليهم من كل ناحية.
وأقبل وجوه أهل البصرة إلى خالد بن عبد الله بن أسيد (3) فقالوا: أصلح الله الأمير! إن المهلب بن أبي صفرة ولي (4) نعمة أهل هذا المصر قد أمنوا به البلاء وألبسوا به العافية، وليس عليه أثار ولا له حاسد، وقد صار أمر الأزارقة إلى ما كانوا عليه بالأمس، وليس لهم غير المهلب لأنه قد ذاقهم ومارسهم في غير موطن، وهو السيف الذي لا يغمد، والحجر الدامغ لمن عند. قال فقال خالد بن عبد الله: إني