قال: فبينا القوم كذلك إذا بعمر (1) بن عروة بن الزبير قد أقبل حتى دخل على محمد ابن الحنفية فسلم ثم قال: إن أمير المؤمنين يقول لك: هلم فبايع أنت وأصحابك هؤلاء الذين معك، فإنكم [إن] لم تفعلوا حبستكم وأطلت حبسكم.
قال: فسكت (2) القوم وأقبل عليه ابن الحنفية فقال له: ارجع إلى عمك فقل له:
يقول لك محمد بن علي: يا بن الزبير! أصبحت منتهكا للحرمة، متلبثا في الفتنة، جريا على نفسك الدم الحرام، فعش رويدا، فإن أمامك عقبة كؤودا، وحسابا طويلا، وسؤلا حفيا، وكتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وبعد فو الله لا بايعتك أبدا أو لا يبقى أحد إلا بايعك، فاقض ما أنت قاض! قال: فرجع عمر بن عروة بن الزبير إلى عمه عبد الله بن الزبير، فقال لهم محمد: مهلا يا قوم!
لا تفعلوا فو الله ما أحب أني أمرتكم بقتل حبشي أجدع وإنه أجمع لي بعد ذلك سلطان العرب قاطبة من المشرق إلى المغرب.
قال: وخشي عبد الله بن الزبير أن يتداعى الناس إلى الرضا محمد ابن الحنفية إذا كان له مثل المختار بالكوفة فكأنه هم بالإساءة وبأصحابه، قال: وعلم ابن الحنفية بذلك فكتب إلى المختار.
ذكر كتاب محمد ابن الحنفية رحمه الله إلى المختار يستغيث به مما قد نزل به من ابن الزبير من محمد بن علي إلى المختار بن [أبي] عبيد ومن بحضرته من شيعة أهل البيت، سلام عليكم، أما بعد فإني أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الجنة، وأن يصرف عنا وعنكم عوارض الفتنة، وإني كتبت إليكم كتابي هذا وأنا وأهل بيتي وجماعة من أصحابي محصرون لدى البيت الذي من دخله كان آمنا، وقد منعنا عذب الماء، وطيب الطعام، وكلام الناس، يتهدد في كل صباح ومساء بأمر عظيم، وأنا أنشدكم الله الذي يجزي بالإحسان ويتولى الصالحين أن لا تخذلوا أهل بيت نبيكم! فتندموا