سل (1) ابن رؤيم عن جلادي وموقفي * بإيوان كسرى لا أوليهم ظهري إلى آخرها.
ذكر الأسود الذي كان يقطع الطريق واسمه الغداف (5) وكيف قتله عبيد الله بن الحر قال: ثم سار عبيد الله بن الحر حتى نزل مدينة الأنبار، فلما رآه أهلها كأنهم اتقوه وهموا بالهرب من المدينة، فنادى فيهم ابن الحر: ليس عليكم من بأس!
أقيموا بمدينتكم أنتم آمنون! فتراجع القوم إلى منازلهم وأسواقهم، ثم أنهم حملوا إليه الميرة والهدايا، فقبلها منهم وقال: إن كانت لكم حاجة فاسألوني إياها. قال:
فتقدم إلى جماعة منهم من أهل الأنبار فقالوا: نعم، أيها الأمير! إن حاجتنا إليك حاجة لله فيما يرضي الله، ولك فيها ثواب عظيم. قال: وما ذاك؟ قالوا: ههنا حبشي يقال له الغداف (3) يقطع الطريق وحده ما بين مدينتنا هذه إلى مدينة هيت، ثم إنه يأتي مدينتنا هذه ليلا ونهارا، فلا يقدم عليه أحد لما يعلمون من بأسه وشدته، فإذا بلغه أن امرأة حسناء في موضع من المواضع هجم على تلك الدار فيأخذ المرأة ويكتف زوجها ثم يفجر بها، فإن تكلم زوجها قتله ثم يخرج، فلا يقدر أحد عليه، فإن رأيت أن تريحنا منه وأهل هذه البلدة يقرون لك بالعبودية إلى آخر الدهر! قال:
فتغير وجه عبيد الله بن الحر وأدركته الغيرة والأنفة، ثم أقبل على أهل الأنبار فقال:
وأين يكون هذا الأسود؟ فقالوا: في وادي كذا وكذا قريبا من شاطئ الفرات.
قال: فدعا عبيد الله بن الحر بفرسه فاستوى عليه وأخذ سيفه وتقلد رمحه، ثم أقسم على أصحابه أنه لا يتبعه أحد منهم، ثم خرج من الأنبار في جوف الليل وهو يقول:
وأبيض قد نبهته بعد هجعة * وقد لبس الليل القميص الأرندجا وجدت عليه مغرما فقبضته * وفرجت ما يرجا به أن يفرجا وكنت إذا قومي دعوني لنجدة * شددت نطاقي حين أدعى وأسرجا فأكشف غماها وأكسب مغنما * وأطفي الذي قد كان فيها مؤججا