أما معنا فلم تكن، فقال: صدقت أيها الأمير لا أكن معك ولا عليك. قال ابن زياد: وما منعك من نصرة أمير المؤمنين يزيد؟ فقال منعني من ذلك قول الله تعالى:
(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) (1). قال: فغضب ابن زياد وهم بقتل عبيد الله بن الحر في ذلك الوقت، ثم إنه خاف أن يشوش عليه أهل الكوفة فسكت، وخرج عبيد الله بن الحر فصار إلى منزله ثم جمع أصحابه وخرج من الكوفة ليلا ومعه أصحابه وبنو عمه، وطلبه عبيد الله بن زياد لكي يرضيه ويعتذر إليه فلم يظفر به (2).
قال: ومضى عبيد الله بن الحر نحو السواد وأنشأ، وجعل يقول أبياتا مطلعها (3):
يقول أمير (4) غار وابن غار * ألا كنت قاتلت الشهيد (5) ابن فاطمه إلى آخرها. قال: ثم جعل عبيد الله بن الحر يغير على أطراف السواد وأصحابه، ويفعل ما يفعل، وليس أحد يطلبه إلى أن مات معاوية، وإلى أن مات مروان بن الحكم، وإلى أن مات عبد الملك بن مروان، وإلى أن قتل سليمان بن الصرد وأصحابه - رحمة الله عليهم - بعين الوردة، وإلى أن صار المختار بن أبي عبيد (6) إلى الكوفة وبايعه من أهلها من بايع، وبلغ ذلك ابن الحر فأقبل حتى دخل الكوفة، ثم صار إلى المختار فبايعه ونصره في حروبه الأول، وفي جبانة السبيع، ثم خرج مع إبراهيم بن الأشتر، فلما صار معه إلى تكريت وكان منه إليه ما كان عزم على مخالفته ومخالفة المختار، فهذا أول خبره (7).