قاتلناهم، وإن أمرتنا بالكف عنهم كففنا وحمدنا الله على ذلك ورجونا الخيرة فيما قضى الله عزو جل من ذلك وقدر.
قال: فأطرق ابن الحنفية ساعة وقال: اللهم! إن هذا الرجل قد ظلمني وتعدى علي في إخراجه إياي من حرمك وحرم رسولك محمد صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم! فألبسه لباس الذل والخوف، وسلط عليه وعلى أشياعه وناصريه من (1) يسومهم سوء العذاب، اللهم! عاقبه بخطيئته، واجعل دائرة السوء عليه بسوء نيته وجريرته، وخذه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله، وأنزل به بأسك وغضبك الذي لا ترده عن القوم المجرمين. قال: ثم عزم ابن الحنفية على المسير إلى الطائف هو وأصحابه.
ذكر ما جرى بين عبد الله بن عباس وابن الزبير في أمر محمد ابن الحنفية قال: وبلغ ذلك عبد الله بن عباس أن ابن الحنفية يريد أن يمضي إلى الطائف، فأقبل مغضبا حتى دخل على عبد الله بن الزبير فقال: يا هذا! والله ما ينفعني تعجبي منك ومن ائتزازك وجرأتك على بني عبد المطلب، تخرجهم من حرم الله وحرم رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهم بالحرم وأعظم فيه نصيبا منك، أما والله إن عواقب الظلم لترد إلى مساءة وندامة. فقال له ابن الزبير: يا بن عباس! إنه قد قتل الله المختار الكذاب الذي كنتم تمدون أعينكم إلى نصرته لكم، فقال ابن عباس: يا بن الزبير دع عنك المختار، فإنه قد بقيت لك عقبة تأتيك من أرض الشام، فإذا قطعتها فأنت أنت. قال: فغضب ابن الزبير ثم قال: والله يا بن عباس ما منك أعجب بل أعجب من نفسي! كيف أدعك تنطق بين يدي بملء فيك. قال: فتبسم ابن عباس ثم قال: والله ما نطقت بين يدي أحد من الولاة كما نطقت بين يديك! ولقد نطقت وأنا غلام (2) بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر الصديق فعجبوا لتوفيق الله إياي، ولقد نطقت وأنا رجل (3) بين يدي عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وكانوا يرونني أحق من نطق، يستمع رأيي ويقبل مشورتي، وهؤلاء الذين ذكرتهم من