فكتب إلى الحجاج أن لا سبيل لك على عروة فإني قد أمنته على نفسه وماله وأهله وولده فلا تعاودني في أمره بعدها - والسلام -. قال: فأمسك عنه الحجاج وجعل يتبع أموال عبد الله بن الزبير حتى احتوى على أمواله بأجمعها.
ثم كتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بأن الكعبة قد انتقض بعضها لما أصابها من حجارة المجانيق، وقد كنت هممت على بنائها، فلم أحب أن أقدم على شيء من أمرها دون أن أستطلع رأي أمير المؤمنين. قال: فلما ورد كتاب الحجاج على عبد الملك بن مروان دفع إليه ما أحب من الأموال، وكتب إلى الحجاج: إني قد بعثت إليك بأخي عبد الله بن مروان ليكون هو الذي يتولى أمر الكعبة، فإن الكعبة لا يبنيها ولا يتولى أمرها إلا قرشي، فإذا قدم عليك فقم معه وأعنه، وإن احتاج إلى شيء من المال فادفع إليه، واضمم إليه جماعة من مشايخ قريش من أهل مكة ليقوموا معه في بناء الكعبة - والسلام -. قال: وقدم عبد الله (1) بن مروان ثم إنه أمر بهدم الجانب الذي يلي زمزم وما يليه إلى الركن اليماني، فهدم ذلك الجانب كله إلى آخره (2)، وأخذ الناس في البناء فكانت الحجارة كلها لا يحملها إلا مشايخ قريش، وهم الذين يبنون البيت والحجاج واقف يأمر وينهي، حتى إذا فرغ من بناء الكعبة وغلق عليها بابها وألبست الكسوة، انصرف عبد الله بن مروان إلى الشام، وأقام الحجاج بمكة ينتظر أمر عبد الملك بن مروان.
ذكر محمد ابن الحنفية رضي الله عنه وعبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف قال: وإذا كتاب عبد الملك بن مروان قد ورد على محمد ابن الحنفية: أما بعد! فإذا أتاك كتابي وبلغك رسولي فأخرج إلى عاملي الحجاج بن يوسف فبايعه واستقم، فإن الناس قد بايعوا واستقاموا، فإن فعلت ذلك منعت مني مالك وأهلك وولدك، وإلا فو الذي لا إله إلا هو لئن أنت أبيت وتربصت وارتبت وقدمت رجلا وأخرت أخرى لأسقيتك بكأس ابن الزبير ولأنزلنك بالمنزلة التي أنزلت بها نفسك - والسلام -.