وهذه الوقعة السادسة وخرج عمرو القناء العنبري (1) وكان من المعدودين في الأزارقة يرتجز ويقول:
اليوم عمرو وغدا عبيدة * كلاهما شوكته شديدة كلاهما غايته بعيدة * كلاهما طعنته عنيدة كلاهما صعدته جريدة * كلاهما وقعته مبيدة كلاهما فراره مكيدة قال: فما لبث عمرو أن خرج إليه حبيب الحرون وبين يده رجل من أهل البصرة وهو يرتجز ويقول:
هذا حبيب وغدا مغيرة * كلاهما مدحته قصيرة كلاهما بغضته كبيرة قال: ثم التقى القوم فاقتتلوا من وقت الضحى إلى أن اختلط الظلام وصاح الحبيب: يا معشر الأزارقة! أنا الحبيب بن المهلب، أنا الحرون، أنا خدن الحرب الزبون، والله لا رجعت وأنتم وقوف! وصاح به عمرو القناء (2): يا حبيب! أنا عمرو ابن عميرة (3) العنبري (4)، حلقت لحاهم وجبت خصاهم أن ترجع أو نرجع. قال:
وبات الفريقان على ظهور الخيل يجول بعضهم على بعض حتى أصبحوا، فجعلوا يصلون على ظهور خيلهم بالإيماء والتكبير، ثم اختلطوا واشتد القتال وتضرج الفريقان بحمرة الدماء. قال: ونظر عمرو إلى حبيب بن المهلب فحمل عليه، قال: فسبقه حبيب فطعنه طعنة نكسه عن فرسه وحملته الأزارقة، فالتفت عمرو القناء (5) وهو لما به، فصاح المهلب ببنيه وبأشد أصحابه ثم حمل وحملوا عليه، فولت الأزارقة الأدبار، قال: والسيف في أقفيتهم حتى دخلوا مدينة سابور، وقد قتل