إني لمذك للشراة نارها * وغاسل بالطعن عنها عارها ومانع ممن أتاها دارها * حتى أقر بالقنا قرارها ولا أخاف في الورى شرارها * أولا فهبني جاهلا أوزارها قال: فخرج إليه فتى من أهل عمان يقال له ميسرة بن عبد الله اليحمدي على فرس له أدهم وهو يقول:
يا لك من يوم عجاج وعلق * وعارض أمطرنا فيه رشق والأرض فيها دافق الدحض زلق * وللحرون سورة فيها فلق ونائل في الله أعمى قد مرق قال: فحمل عليه عبيدة بن هلال اليشكري فقتله - رحمه الله -.
ثم جال وطلب البراز، فخرج إليه حبيب بن المهلب، وكان يقال له حبيب الحرون لشدة قتاله وثباته في الحرب، قال: ونظر إليه عبيدة بن الهلال فحمل عليه على غير معرفة، وحقق عليه حبيب بن المهلب فطعنه طعنة أرداه عن فرسه، قال:
فوثب عبيدة ومر هاربا على وجهه حتى لحق بأصحابه وهو لما فيه من طعنة حبيب.
قال: المغيرة بن حبناء في ذلك يقول:
لا تلومي على القتال عريبا * إن بالكازرون يوما عجيبا إذ أتانا عبيدة بن هلال * فاغرا فاه بالدماء خضيبا فأراه عن النزال بطيا * وبما قد أراه فيها مهيبا إن تعد للنزال تلقاه حتفا * وعسى ذاك أن يكون قريبا قال: وانهزمت الأزارقة في جوف الليل نحو سابور، فقال المهلب لأصحابه:
ذروا القوم لا تتبعوهم، فو الله ما انصرفوا حتى انقضت القتال لشدة حرب أعداء الله، فذروهم حتى نصبح، فإنا لاحقون بهم إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: وأصبح المهلب فنادى في أصحابه وسار حتى وافى القوم بسابور، فلما نظروا إلى رايته وقد طلعت بادروا، وقد خرجوا إليه في تعبية وزينة وسلاح وآلة لم يكونوا أظهروها قبل ذلك.