ثم رجعنا إلى خبر إبراهيم بن الأشتر وعبيد الله بن زياد قال: ثم كتب المختار إلى إبراهيم بن الأشتر أن صر إلى أرض الموصل فناجز عدوك، فقد كفانا الله أمر ابن الحر، فإن أظفرنا الله بابن زياد وأصحابه المحلين لن نرهب بعده أحدا من الظالمين - والسلام -. قال: فلما ورد كتاب المختار على إبراهيم بن الأشتر نادى في أصحابه، ثم سار بهم فجعل يطوي البلاد طيا حتى نزل على خمسة فراسخ من الموصل (1)، وعبيد الله بن زياد يومئذ بالموصل قد أخذ خراجها وفرقه في أصحابه، فلما بلغه مسير ابن الأشتر إلى ما قبله رحل من الموصل في ثلاثة وثمانين ألفا، حتى نزل قريبا من عسكر إبراهيم، وإبراهيم يومئذ في أقل من عشرين ألفا.
خبر عمير بن الحباب السلمي قال: وفي عسكر عبيد الله بن زياد يومئذ من الأشراف رجل يقال له عمير بن الحباب، فأرسل إليه إبراهيم بن الأشتر أن قد أعطيتك الأمان، ولك عندي الحبا والكرامة إن رزقني الله من هذا الجيش السلامة، فهلم إلينا رحمك الله آمنا مطمئنا قال: فخرج إليه عمير في جوف الليل في ألف فارس من بني عمه ومواليهم، حتى وافا إلى ابن الأشتر، فأكرمه ابن الأشتر وأوعده ومناه وبر أصحابه بمال فرقه عليهم قال: وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فأقلقه ذلك (2) وقال: يخرج رجل من عسكري في ألف فارس ولا يعلم به، أن هذا الأمر لا يراد.
قال: وأقبل ابن الأشتر على عمير بن الحباب هذا فقال: إني رأيت أن خندق على عسكري خندقا، فما الذي تراه؟ فقال له عمير بن الحباب مهلا أيها الأمير! فإن القوم يحبون أن يطاولوك، فإن طاولتهم فهو خير لهم، ولكن ناجزهم فإنهم قد ملئوا خوفا ورعبا، ولا تدعهم أن يشاموا أصحابك فيذوقهم يوما بعد يوم فيجترئوا عليهم،