قال: ثم وثب عبد الملك بن مروان قائما ودعا بدابته، فركب وخرج من القصر حتى صار إلى الموضع يقال له النخيلة (1) فنزلها، وعرضت عليه قبائل العرب هنالك، ففرض لكل قوم من المال على أقدارهم.
ذكر مسير الحجاج بن يوسف الثقفي عليه ما يستحقه إلى الحجاز ومقتل عبد الله بن الزبير ثم جمع عبد الملك بن مروان وجوه العرب إليه وقال: أيها الناس! إني راحل إلى الشام ولا بد لي من ذلك، ولكن هل من رجل جلد البجرة يكفيني أمر عبد الله بن الزبير! قال: فأقصر الناس عن ذلك ولم يجبه أحد بشيء.
وأقبل الحجاج بن يوسف إلى يزيد بن أبي بشر السكسكي - وهو صاحب شرطة عبد الملك بن مروان - فقال: أيها الأمير! إني قد رأيت البارحة في منامي رؤيا عجيبة كأني قد أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته حتى أخرجته من جلده، فإن رأيت أن تخبر أمير المؤمنين بذلك. قال فقال له يزيد بن أبي بشر: أنت غلام أحمق وتحتاج أن تؤدب، فقال له الحجاج: إن أنت أعلمت أمير المؤمنين بذلك وإلا أنا احتال في إعلامه وألزمتك الملامة من قبله. قال: فأقبل يزيد بن أبي بشر حتى دخل على عبد الملك بن مروان فقال: يا أمير المؤمنين! إن هذا الغلام الثقفي الذي معنا الحجاج بن يوسف بن الحكم يذكر أنه رأى في منامه كذا وكذا، وقد رأيت له همة فأحببت أن أخبر أمير المؤمنين بذلك، فقال عبد الملك بن مروان: علي به! فأتي بالحجاج، فلما أدخل إليه قال: ما الذي رأيت؟ قال: يا أمير المؤمنين! رأيت عبد الله بن الزبير كأني أخذته وسلخته حتى أخرجته من جلده، قال عبد الملك بن مروان: وهل فيك من خير؟ قال: نعم حيث أحببت يا أمير المؤمنين! قال عبد الملك بن مروان: فإني قد دعوت لها غيرك فأبى، وأرجو أن تكون عند ما تقول.
قال: ثم دعا عبد الملك بن مروان بالخلع فخلعها عليه وحمله (2)، وضم إليه