كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٦ - الصفحة ٣٣٧
قال: ثم وثب عبد الملك بن مروان قائما ودعا بدابته، فركب وخرج من القصر حتى صار إلى الموضع يقال له النخيلة (1) فنزلها، وعرضت عليه قبائل العرب هنالك، ففرض لكل قوم من المال على أقدارهم.
ذكر مسير الحجاج بن يوسف الثقفي عليه ما يستحقه إلى الحجاز ومقتل عبد الله بن الزبير ثم جمع عبد الملك بن مروان وجوه العرب إليه وقال: أيها الناس! إني راحل إلى الشام ولا بد لي من ذلك، ولكن هل من رجل جلد البجرة يكفيني أمر عبد الله بن الزبير! قال: فأقصر الناس عن ذلك ولم يجبه أحد بشيء.
وأقبل الحجاج بن يوسف إلى يزيد بن أبي بشر السكسكي - وهو صاحب شرطة عبد الملك بن مروان - فقال: أيها الأمير! إني قد رأيت البارحة في منامي رؤيا عجيبة كأني قد أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته حتى أخرجته من جلده، فإن رأيت أن تخبر أمير المؤمنين بذلك. قال فقال له يزيد بن أبي بشر: أنت غلام أحمق وتحتاج أن تؤدب، فقال له الحجاج: إن أنت أعلمت أمير المؤمنين بذلك وإلا أنا احتال في إعلامه وألزمتك الملامة من قبله. قال: فأقبل يزيد بن أبي بشر حتى دخل على عبد الملك بن مروان فقال: يا أمير المؤمنين! إن هذا الغلام الثقفي الذي معنا الحجاج بن يوسف بن الحكم يذكر أنه رأى في منامه كذا وكذا، وقد رأيت له همة فأحببت أن أخبر أمير المؤمنين بذلك، فقال عبد الملك بن مروان: علي به! فأتي بالحجاج، فلما أدخل إليه قال: ما الذي رأيت؟ قال: يا أمير المؤمنين! رأيت عبد الله بن الزبير كأني أخذته وسلخته حتى أخرجته من جلده، قال عبد الملك بن مروان: وهل فيك من خير؟ قال: نعم حيث أحببت يا أمير المؤمنين! قال عبد الملك بن مروان: فإني قد دعوت لها غيرك فأبى، وأرجو أن تكون عند ما تقول.
قال: ثم دعا عبد الملك بن مروان بالخلع فخلعها عليه وحمله (2)، وضم إليه

(١) بالأصل: " النخلة " والنخيلة موضع قرب الكوفة على سمت الشام.
(٢) في تولية الحجاج حرب عبد الله بن الزبير قرار اتخذه عبد الملك لم يكن كما ذكر بسبب منام رآه الحجاج، ونرى أن الأمر يتجاوز ذلك وأن هناك أسبابا جوهرية حتمت على عبد الملك اتخاذ هذا القرار منها:
أن عبد الملك انتدب الناس لقتال ابن الزبير - بعد مقتل مصعب - فأقصر الناس عن ذلك ولم يجبه أحد.
ولعل فيما أورد الدينوري ما يجيب على ذلك: فإنه انتدب قدامة بن مظعون ثم عزله فورا. وانتدب الحجاج وهذا يدل على عدم ثقته بالعساكر المنتدبة وبابن مظعون نفسه.
- المهارة التي أظهرها الحجاج في قيادة مؤخرة الجيش في معارك العراق.
- تلهف الحجاج لقتال ابن الزبير، ربما للثأر لمقتل والده، وقد قيل إنه قتل في الربذة في معركة بين جنود ابن الزبير والحملة التي أرسلها عبد الملك سنة ٦٥. حتى أنه أقسم أنه لا يقرب الطيب ولا النساء إلا إذا قتل ابن الزبير.
(١) في تاريخ اليعقوبي في ٢٠ ألفا وقيل في ستة آلاف. وفي ابن الأثير: ألفين وقيل ثلاثة آلاف.
(٢) أقام الحجاج في الطائف شهورا (مروج الذهب) وفي الأخبار الطوال أنه بعد أن أقام شهرا بالطائف كتب إلى عبد الملك: " إنك يا أمير المؤمنين متى تدع ابن الزبير يعمل فكره، ويستجيش أنصاره، وتتوب إليه فلا له كان في ذلك قوة له، فائذن في معاجلته " فأذن له.
وكان عبد الملك يرسل إلى الحجاج الجيوش رسلا حتى توافي الناس عنده قدر ما يظن أنه يقدر على قتال عبد الله بن الزبير (الإمامة والسياسة).
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ابتداء أخبار الأزارقة 177
2 ذكر اجتماع أهل البصرة عند الأمير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة واتفاقهم على المهلب بن أبي صفرة 181
3 أول وقعة كانت للأزارقة مع المهلب بن أبي صفرة 185
4 وقعتهم الثانية 186
5 ذكر كتاب المهلب بن أبي صفرة إلى أهل البصرة بالسلامة والبشرى وما قتل فيها من الأزارقة 189
6 ذكر خطبة قطري بن الفجاءة 191
7 الوقعة الثالثة 192
8 ذكر الخطبة المهلب قبل الوقعة 193
9 الوقعة الرابعة 194
10 الوقعة الخامسة 195
11 الوقعة السادسة 196
12 ذكر حمزة بن عبد الله بن الزبير وولايته بالبصرة 197
13 ذكر كتاب مصعب بن الزبير إلى المهلب بن أبي صفرة 198
14 ذكر عزل المهلب عن حرب الأزارقة وتولية عمر بن عبيد الله بن معمر التميمي حرب الأزارقة 199
15 ابتداء أخبار عين الوردة ثم نرجع بعد ذلك إلى أخبار الأزارقة 203
16 ذكر مفارقة المختار بن أبي عبيد عبد الله بن الزبير وخروجه عليه 206
17 ذكر خروج سليمان بن صرد وأصحابه إلى قتال أهل الشام 209
18 ذكر كتاب أمير الكوفة إلى سليمان بن صرد وأصحابه 216
19 ذكر سليمان بن صرد جواب كتاب عبد الله بن يزيد 217
20 ذكر حبس المختار بالكوفة 217
21 ثم رجعنا إلى أخبار سليمان بن صرد وأصحابه 220
22 ابتداء خروج المختار بن أبي عبيد وما كان منه 225
23 ذكر خروج الشيعة إلى محمد ابن الحنيفة يسألونه عن المختار 227
24 ذكر بيعة إبراهيم بن الأشتر للمختار بن أبي عبيد 229
25 ذكر وقعة خروج المختار 232
26 ذكر غلبة المختار علي الكوفة وبيعة الناس له بها 239
27 ذكر كلام المختار على المنبر 240
28 ذكر محمد بن بن الأشعث وقدومه على المختار 242
29 ذكر من قتله المختار بالكوفة من قتلة الحسين بن علي رضي الله عنهما وممن شارك في دمه 244
30 ذكر مقتل عمر بن سعد وابنه حفص 245
31 ذكر ما جرى بين محمد ابن الحنيفية وعبد الله بن الزبير وما كان في أمر البيعة من ابن الزبير 250
32 ثم رجعنا إلى حديث المختار 254
33 ابتداء مسير عبيد الله بن زياد إلى العراق ومقتله 255
34 ذكر مسير يزيد بن أنس إلى محاربة عبيد الله بن زياد وهي الوقعة الأولى 257
35 ذكر خروج أهل الكوفة على المختار وغدرهم به ومحاربتهم إياه 259
36 ذكر وقعة جبانة السبيع 262
37 ذكر القوم الذين عرضوا على المختار فقتلهم صبرا 263
38 خبر سراقة بن مرداس البارقي 264
39 ذكر مقتل الشمر بن ذي الجوشن 265
40 ثم رجعنا إلى الحديث الأول وخبر عبيد الله بن زياد 267
41 ابتداء خبر عبيد الله بن الحر الجعفي 269
42 ثم رجعنا إلى خبر إبراهيم بن الأشتر وعبيد الله بن زياد 277
43 خبر عمير بن الحباب السلمي 277
44 ابتداء الوقعة ومن قتل فيها 278
45 ذكر الكتاب إلى محمد بن الحنيفية رضي الله عنه 283
46 ابتداء مسير معصب من البصرة إلى الكوفة ومقتل المختار رحمه الله 284
47 ذكر محاصرة المختار في القصر إلى وقت مقتله رحمه الله 289
48 ذكر كتاب مصعب بن الزبير إلى إبراهيم بن الأشتر رحمه الله 294
49 ثم رجعنا إلى أخبار عبيد الله بن الحر وخروجه على مصعب بن الزبير 295
50 ذكر وقعة عبيد الله بن الحر مع المهلب بن أبي صفرة 308
51 ذكر الأسود الذي كان يقطع الطريق واسمه الغداف وكيف قتله عبيد الله بن الحر 311
52 ذكر مسير عبيد الله بن الحر إلى عبد الملك بن مروان بالشام يسأله المعونة على مصعب بن الزبير 313
53 ذكر مقتل عبيد الله بن الحر 314
54 ثم رجعنا إلى أخبار محمد ابن الحنفية رضي الله عنه وعبد الله بن الزبير وما كان بينهم من خلاف أحدهم على صاحبه 316
55 ذكر خطبة محمد ابن حنفية رضي الله عنه وكلامه لأصحابه 317
56 ذكر كتاب عبد الملك بن مروان إلى عباس مجيبا له عما كتب له إليه 319
57 ذكر كتاب عبد الملك بن مروان إلى محمد ابن حنفية من دمشق وجوابه إياه 320
58 ذكر ما جرى بين عبد الله بن عباس وابن الزبير في أمر محمد ابن الحنفية 323
59 ذكر ما جرى بين ابن عباس وابن الزبير أيضا من كلام قبيح 324
60 ذكر ابتداء فتنة البصرة وشغب أهلها وما كان بينهم من الحرب والمصيبة 326
61 ذكر مسير عبد الملك بن مروان إلى العراق ومقتل مصعب بن الزبير وابنه عيسى وإبراهيم بن الأشتر والحرب العظيم الذي كانت بينهم 330
62 ذكر زفر بن الحارث الطائي وعبد الملك بن مروان ونزوله عليه ومحاربته له 331
63 ذكر الوقعة بدير الجاثليق 333
64 ذكر كلام الشعبي بين يدي عبد الملك بن مروان 336
65 ذكر ميسر الحجاج بن يوسف الثقفي عليه ما يستحقه إلى الحجاز ومقتل عبد الله بن الزبير 337
66 ذكر محمد ابن الحنفية رضي الله عنه وعبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف 344
67 ذكر كتاب محمد ابن الحنفية إلى عبد الملك بن مروان 345
68 ذكر ملك عبد الملك بن مروان وأخباره وما كان منه بعد أن استوسقت له الأمور 348
69 ذكر بكير بن وشاح التميمي وأمية بن عبد الله بن خالد وبحير بن الورقاء 349
70 ذكر الجزيرة وأرمينية وأذربيجان وما كان بها من الحروب 351
71 ثم رجعنا إلى خبر الأزارقة 354
72 ذكر ولاية بشر بن مروان العراقين 363