حربه إلى أن يقدم ابن الأشتر، والقوم يأبون ذلك، ثم إنهم ساروا إليه يريدون قتاله وقتله، والمختار يومئذ في قريب من أربعة آلاف، فلما رأى أنهم قد بغوا عليه أمر أصحابه بالحرب فاقتتلوا يومهم ذلك إلى الليل، وباتوا على حرب وأصبحوا على حرب، والمختار يعلم أن لا طاقة له بهم.
قال: وإذا إبراهيم بن الأشتر وافى يوم الثاني فصلى الفجر على باب الجسر، ثم أقبل بخيله ورجله حتى دخل الكوفة قال: وعلم (1) أولئك الخارجون أن ابن الأشتر قد وافى، فافترقوا فرقتين، فصارت ربيعة ومضر على حدة، واليمن على حدة. فقال ابن الأشتر للمختار: أيها الأمير! أي الفريقين تحب أن أكفيك اليمن أو ربيعة ومضر؟ فقال المختار: إذا أخبرك أبا النعمان! أن اليمن هم قومك وعشريتك ولعلك إن حاربتهم أبقيت عليهم، فدعني واليمن وعليك بربيعة ومضر!
قال: فسار إبراهيم بن الأشتر في جيشه ذلك حتى صار إلى الكناسة (2) وقد اجتمع بالكناسة يومئذ خلق كثير من ربيعة ومضر. قال: فسار إبراهيم بن الأشتر في جيشه ذلك حتى صار إلى الكناسة وقد اجتمع، فلما نظروا إلى ابن الأشتر حملوا وحمل عليهم، واقتتل القوم وصبر بعضهم لبعض.
ذكر وقعة جبانة السبيع قال: وسار المختار إلى جبانة السبيع وبها يومئذ قبائل اليمن، وقد اجتمعوا على عبد الرحمن [بن سعيد -] (3) بن قيس الهمداني، قال: فالتقى القوم هنالك فقاتل بعضهم بعضا، وعلت الأصوات من كل ناحية.
وجعل ابن الأشتر يقول: ويحكم يا معشر ربيعة ومضر! انصرفوا عني، فحسبكم مني، أنا ابن الأشتر، أنا ابن الضل الذكر، والله ما أحب أن يصاب أحد منكم على يدي! قال: فأبوا عليه، واشتد القتال حتى انتصف بعضهم من بعض، ثم وقعت الهزيمة بعد ذلك فانهزموا هزيمة قبيحة من بين يديه، فأبقى عليهم ابن الأشتر فلم يتبعهم (4).