ولكن صادمهم بخيلك ورجلك، فإنك بحمد الله على الحق وإنهم على الباطل، والله مظفرك بهم وناصرك عليهم بحوله وقوته. قال فقال ابن الأشتر: الآن قد علمت أنك ناصح لي، ولقد أصبت الرأي فيما أشرت به علي، وبهذا أوصاني صاحبي المختار، وأنا عازم على ما أشرت، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
قال: وجعل عبيد الله بن زياد يقول لأصحابه: إني لأعجب من هذا الغلام إبراهيم بن الأشتر ومسيره إلي بهذا الجيش وعهدي به بالأمس بالكوفة، وقد كان بلعب بالحمام، ولعل أجله قد اقترب. قال: وبات (1) الفريقان ليلتهم تلك وابن الأشتر لا يغمض لا هو ولا أحد من أصحابه لما يريدون أن يقدموا عليه من محاربة ذلك الخلق العظيم، حتى إذا كان قريبا من وقت السحر وثب القوم وصلوا بغلس، وعبي ابن الأشتر أصحابه، فجعل على ميمنته سفيان بن يزيد بن المغفل (2) الأزدي، وعلى ميسرته علي بن مالك الجشمي (3)، وعلى أعنة الخيل الطفيل بن لقيط الحنفي، وعلى الرجالة مزاحم بن مالك السكوني (4).
ابتداء الوقعة ومن قتل فيها قال: وزحف القوم بعضهم إلى بعض، وتقدمت الرجالة بين أيديهم، وابن الأشتر ينهاهم عن الجزع والفشل، ثم زخف بأصحابه رويدا حتى إذا أشرف على تل عظيم فنظر إلى عسكر القوم وتأملهم، وأهل الشام بعد لم يتحركوا ولا ظنوا أن أهل العراق يقدمون عليهم، فلما نظروا إلى الخيل وقد وافتهم بادروا إلى خيولهم، وقدموا الرجالة بين أيديهم، فخيل هم ستون ألفا ورجالتهم اثنان وعشرون ألفا. قال:
فعباهم عبيد الله بن زياد. فجعل على ميمنته شرحبيل بن ذي الكلاع، وعلى ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي، وعلى جناح ميسرته عبد الله بن حملة الخثعمي، وفي القلب يومئذ الحصين بن نمير السكوني (5). قال: وأنفض عليهم أهل العراق مستعدين للموت وهم يقولون: اللهم إننا ما خرجنا إلى حرب هؤلاء القوم إلا شارين