فلست بخير يا بكير وخيره * لئن لم تقم يوما عليك المآتم على بطل قد فلق السيف رأسه * صريع نجيع تعتريه القشاعم قال: واحتوى أمية بن عبد الله على أموال بكير بن وشاح وقليلاه فاختاره لنفسه، وأقام في بلاد خراسان ليس أحد ينازعه في سلطانه، وجعل يغزو أطراف خراسان غزوا متداركا، فكلما فتح فتحا أو أصاب نفلا أخرج منه الخمس فوجه به إلى عبد الملك بن مروان وقسم باقي ذلك في أصحابه، حتى استقل وكثرت عنده الأموال، فأحب الراحة والرفاهية وترك الغزو، ولم يغز (1) أحدا، وأضر ذلك بأهل خراسان، فكتب بعض الأجناد إلى عبد الملك بن مروان بكتاب يخبره فيه بقعود أمية بن عبد الله عن الغزو، وأثبت في آخر كتابه هذه الأبيات:
أضاع أمير المؤمنين ثغورنا * وأطمع فينا المشركين ابن خالد وبات على لين الحشايا منعما * يلاعب أمثال الدمى في المجاسد وليس أخو الهيجاء من بات آمنا * وأضحى بطينا همه في الثرائد ولكن أخوها من يبيت مشمرا * يناجي هموما قائما غير قاعد قال: فلما قرأ عبد الملك بن مروان كتاب أهل خراسان هم أن يعزل أمية بن عبد الله عن خراسان، ثم إنه لم ير ذلك رأيا، فكتب إليه يعذله على قعوده عن الجهاد ويحضه على قتال العدو، وأعلمه في كتابه إن هو لم يغز بالمسلمين يعزله ويستبدل به غيره. قال: وكان أمية يغير بالناس أيام الصيف والربيع، ويريحهم في أيام الشتاء والخريف، فلم يزل على ذلك من شأنه حينا من دهره متمسكا بخراسان إلى وقت عزله، وسنرجع إلى خبره بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ذكر الجزيرة وأرمينية وأذربيجان وما كان بها من الحروب قال: ثم دعا عبد الملك بن مروان بأخيه محمد بن مروان، فعقد له عقدا وولاه الجزيرة وبلاد أرمينية وأذربيجان، وضم إليه جيشا كثيفا. قال: فخرج محمد بن مروان من بلاد الشام في جيشه ذلك ومعه مسلمة بن عبد الملك بن مروان حتى نزل أرض الجزيرة، ثم دعا برجل من أصحابه يقال له عبيد الله بن أبي شيخ