ويحكم إنه ليس بالشام قبيلة إلا وقد وترتها (1) وقتلت رجالها في يوم عبيد الله، وما كنت بالذي اختار على مصري مصرا ولا على عشيرتي عشيرة، واللحاق بالعراق أحب إلي وأعود علي.
قال: ثم نادى في أصحابه وارتحل نحو الكوفة إلى مصعب بن الزبير، فلما دخل على مصعب قربه وأدناه، وأجلسه معه على سريره، ثم خلع عليه وأمر له بجائزة سنية، وصرفه إلى منزله، ثم كتب إلى أخيه عبد الله (2) بن الزبير، فأخبره بأمر ابن الأشتر وأنه قد دخل إلى الكوفة، فسر عبد الله بن الزبير بذلك سرورا شديدا. ثم ولى مصعب بن الزبير المهلب بن أبي صفرة أرض الموصل وعزله عن حرب الأزارقة، واستوت العراق والجزيرة والحجاز واليمن وأرمينية وآذربيجان لآل الزبير، والشام ومصر إلى آخر المغرب في يد عبد الملك بن مروان.
ثم رجعنا إلى أخبار عبيد الله بن الحر وخروجه على مصعب بن الزبير قال: وكان مصعب بن الزبير قد ولى رجلا سخيا يقال له زجر بن قيس الجعفي جميع سواد الكوفة، قال: وكان زجر بن قيس هذا رجلا سخيا، لا يبقي على شيء، فأتلف مال السواد، حتى كسر على مصعب سبعون ألف درهم، فأخذه مصعب فحبسه، فلم يكن عنده ما يؤدي.
قال: وجاء عبيد الله بن الحر حتى دخل على مصعب بن الزبير وسأله في زجر بن قيس، فأبى عليه أن يشفعه فيه، فقال ابن الحر: أيها الأمير! المال على من دونه! فأطلقه. فلما كان بعد ذلك بمدة يسيرة بعث مصعب إلى عبيد الله بن الحر يقتضيه المال، فقال ابن الحر للرسول: ارجع إلى الأمير فقل له يقول لك عبيد الله بن الحر: أيها الأمير! أما ما كان لك علينا فإنك تقتضيه منا، وما كان لنا عليك فلا تؤديه! أيها الأمير! إنما سرت إليك إلى البصرة معونة وتقوية لك! وقدمت معك إلى بلدي فأعنتك بنفسي وعشائري حتى قتلت المختار وظفرت بما تريد، لنصير منك إلى ما صار غيرنا من الولاية والحبا والكرامة، وكان ما وعدتنا قديما