الحق، أصم عن الباطل، ينوي العدل، ويعاف الحيف، ومعه نفر من أهل بيته وعدة رجال من شيعته، لا يدخلون دارا إلا بإذن، ولا يأكلون إلا بثمن، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، فاحفظنا فيهم - رحمك الله! فإن ابن الزبير قد نابذنا ونابذناه بالعداوة - والسلام -.
ذكر كتاب عبد الملك بن مروان إلى ابن عباس مجيبا له عما كتب به إليه قال: فكتب إلى عبد الملك بن مروان: أما بعد، فقد أتاني كتابك توصيني فيه بمن توجه إلى ما قبلي من أهل بيتك، فما أسرني بصلة رحمك وحفظ وصيتك!
وكل ما هويت من ذلك فمفعول متبع، فانزل بي حوائجك رحمك الله إن أحببت فلن أعرج عن حاجة لك قبلي، فإنك أصبحت عظيم الحق علي مكينا لدي، وفقنا الله وإياك لأفضل الأمور - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -.
قال: فعندها تجهز محمد ابن الحنفية وخرج من مكة فيمن معه من أهل بيته وأصحابه، وبين يديه رجل من شيعته يرتجز ويقول أبياتا مطلعها (1):
هديت يا مهدي يا بن المهتدي * أنت الذي نرضى به ونقتدي إلى آخرها.
قال: ثم جعل أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني يرتجز أيضا بين يدي محمد ابن الحنفية وهو يقول أبياتا مطلعها:
يا إخوتي يا شيعتي لا تبعدوا * إن زعيم لكم أن ترشدوا إلى آخرها.
قال: ثم سار محمد ابن الحنفية حتى صار إلى مدينة مدين، وبها يومئذ عامل