من كذبني بعد هذا الأمر فهو الكذاب، ثم إنه أنشأ يقول:
أبا بحر إني والبنية صادق * خبير وما مثلي بمثلك يلعب ولا تكذب الرفاد ما يعبأوا به * إذا لم يكن في الأرض مرعى ومشرب وقد كان حقا جار حكمي عليكم * وإن كان زورا فاشتموني واضرب بسلى وسلبري (1) جماجم أصبحت * رفاتا ونهيا قد حواه المهلب وذاك ابن ماحوز هناك مجندل * قتيل وعثمان هناك محلب (2) وأطبقت الهيجاء يوما وليلة * علينا وإياهم ليوث وتلهب فلا صد منا لا ولا من عدونا * غداة الوغى حد ولا أرو مسلب (3) وأقشعت الغماء عنا وشيخنا * جزى الله خيرا بالدماء مخضب فلما رأينا وجهه لم يكن لنا * سوى الجهر بالتكبير حين يقرب قصدنا إليه إذ رأينا جبينه * وقلنا فدتك النفس والأم والأب على ذا تركت القوم آخر أمرهم * فمن قال كذب فالمكذب أكذب قال: فأخذ الأحنف بيد الفتى وجاء به حتى أدخله إلى الأمير فحدثه بالحديث على جهته، فأدركه الأمير وأمر له بخلعة وجائزة ذكر كتاب المهلب بن أبي صفرة إلى أهل البصرة بالسلامة والبشرى وما قتل فيها من الأزارقة (4) بسم الله الرحمن الرحيم، للأمير الحارث (5) بن عبد الله وجماعة المسلمين من أهل البصرة، من المهلب بن أبي صفرة، سلام عليكم، أما بعد! فإنه لا يوهن الإسلام خروج من خرج منه، ولا يعيبه إلحاد من ألحد فيه، وقد كانت الحرب استوقدت بنا وبعدونا وحمي الوطيس بيننا، فجاء القضاء بأمر جاوز فيه الأمل، ومن يكيده للإسلام كثير وناصروه قليل، وليس كل من يقاتل عن الإسلام من أهله، ولكن من يقاتل عن دين الإسلام فهو من أهله، وقد كان العدو أصاب في إخواننا مصائب