ثم رجعنا إلى أخبار سليمان ابن صرد وأصحابه قال: وسار سليمان بن صرد وأصحابه من القيارة (1) حتى صاروا إلى هيت (2)، ثم رحل من هيت إلى عانات (3) وما يليها، حتى صار إلى مدينة قرقيسيا (4) وبها يومئذ رجل من العرب يقال له زفر بن الحارث الكلابي من بني كلاب، فلما نظر إلى خيل المسلمين قد أقبلن من ناحية الكوفة كأنه اتقى من ناحيتهم فأمر بأبواب مدينتهم فغلقت.
قال: ونزل المسلمون حذاء مدينته على شاطئ الفرات، ودعا سلمان بن صرد بالمسيب بن نجبة الفزاري فقال له: صر إلى ابن عمك هذا فخبره إنا لسنا إياه أردنا، وإنما نريد عبيد الله بن زياد وأصحابه - لعنهم الله - الذين قتلوا الحسين بن علي رضي الله عنهما، وقل له يخرج إلينا سوقا حتى نتسوق وننظر ما يكون من خبر هؤلاء، ثم نرحل إليهم ولا قوة إلا بالله وإن شاء الله.
قال: فأقبل المسيب بن نجبة حتى نزل في زورق، وعبر وصار إلى باب قرقيسيا وكلم الناس فقالوا له: من أنت؟ فقال: أنا رجل من أهل هذا العسكر وأنا ابن عم صاحب مدينتكم هذه، قال: فانطلق القوم إلى الملك فخبروه بذلك، فأذن له في الدخول، فدخل المسيب وصار إلى زفر فدخل وسلم عليه فرد عليه السلام وأدناه وأجلسه إلى جانبه، ثم سأله عن حاله وأمره، فقال له المسيب: إنا لسنا إياك أردنا ولا لك قصدنا، إنما نريد هذا الفاسق عبيد الله بن زياد وأصحابه الذين قتلوا ابن بنت نبي رب العالمين، فإن رأيت أن تخرج لنا سوقا فإنا لا نقيم ههنا إلا يومين أو ثلاثة (5) ثم نرحل عنك إن شاء الله. قال فقال له زفر بن الحارث: إنا لم نغلق باب مدينتنا هذه لأجل العسكر، ولكن السمع والطاعة. ثم دعا زفر بولد له يقال له هذيل وأمره أن يخرج لهم سوقا وزاد في إكرامهم، ثم أخرج إليهم الدقيق الكثير والشعير