إلى محمد ابن الحنفية، وأما باقي هذه الرؤوس فصلبت حول الكوفة. وكتب المختار إلى محمد ابن الحنفية رضي الله عنه كتابا و [وجه] معه ثلاثون ألف دينار.
ذكر الكتاب إلى محمد ابن الحنفية رضي الله عنه بسم الله الرحمن الرحيم، للمهدي محمد بن علي، من المختار بن أبي عبيد، سلام عليك! أما بعد، فالحمد لله الذي طلب لك بالأوتار، وأخذ لك بالثأر ومن الأشرار وأبناء الفجار، فقتلهم في كل فج بقهر، وغرقهم في كل بحر ونهر، فشفى بذلك قلوب المؤمنين، وأقر به عيون المسلمين، وأهلك المحلين الفاسقين، وأولاد القاسطين، فأبادهم رب العباد أجمعين، فنزل بهم ما نزل بثمود وعاد، وغرقهم تغريق فرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، قد قتلوا أشر قتلة، ومثل بأشرافهم أقبح مثلة، فاحمد الله أيها المهدي على ما أتاك، واشكره على ما أعطاك، وأنعم عليك وأولاك، وقد وجهت إليك بثلاثين ألف دينار لتصرفها في أهل بيتك وقرابتك ومن لجأ إليك من شيعتك - والسلام عليك أيها المهدي ورحمة الله وبركاته.
قال: فلما ورد كتابه على محمد ابن الحنفية وقرأه على أهل بيته وشيعته خر القوم سجدا. ثم قام محمد ابن الحنفية وصلى ركعتين شكرا لله تعالى إذ قتل عبيد الله بن زياد وأصحابه، ثم أمر بالرؤوس أن تنصب خارج الجسر، فمنعه ابن الزبير من ذلك وأمر بالرؤوس فدفنت، ثم قسم محمد ابن الحنفية ذلك المال في أهل بيته وشيعته وقرابته.
قال: ونظر عبد الله بن الزبير إلى غلبة المختار على البلاد، فاشتد ذلك عليه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، ولم يدر ما يصنع، قال: وسار ابن الأشتر حتى نزل الموصل، واحتوى على أرض الجزيرة كلها، فأخذها وجبى خراجها، ووجه ببعض ذلك إلى المختار، وفرق باقي ذلك على أصحابه. قال: فصارت الكوفة وسوادها إلى حلوان إلى الماهين إلى الري وما والاها في يدي المختار، والجزيرة بأجمعها من ديار ربيعة ومضر في يد إبراهيم بن الأشتر ونوابه بها (1)، والشام