برضا الجميع، وأحدهما خدع صاحبه الآخر، والخلافة لا تعقد في الخديعة، ولا يجوز في الدين إلا النصيحة، ولكن ما اسمك أيها الرجل؟ فقال الشامي: اسمي منازل الأقران حلال! فقال له الأحوص بن شداد: ما أقرب الاسمين بعضهم من بعض، أنت منازل الأبطال، وأنا مقرب الآجال! ثم حمل عليه الأحوص والتقيا بضربتين ضربه الأحوض ضربة سقط الشامي قتيلا، فجال الأحوص في ميدان الحرب ونادى: يا قتلة الحسين: هل من مبارز! فخرج إليه داود بن عروة الدمشقي مقنعا في الحديد على كميت له وهو يقول:
أنا ابن من قاتل في صفينا * قتال قرم لم يكن غبينا بل كان فيها بطلا حرونا * مجربا لدى الوغا كمينا قال: فضمه إليه الأحوص بن شداد الهمداني وجعل يقول:
يا بن الذي قاتل في صفينا * ولم يكن في دينه غبينا كذبت قد كان بها مغبونا * مذبذبا في أمره مفتونا لا يعرف الحق ولا اليقينا * بؤسا له لقد مضى ملعونا قال: ثم التقيا فضربه الأحوص ضربة ألحقه بصاحبه، ثم رجع إلى صفه وخرج الحصين بن نمير الكسوني وهو يقول شعرا، قال: فما لبث أن خرج إليه فتى من أهل الكوفة يقال له شريك بن جدير التغلبي (1) مجيبا له وهو يقول شعرا.
قال: فحاوله الحصين بن نمير السكوني فالتقيا بضربتين، ضربه الثعلبي ضربة جدله قتيلا، فدخل على قتلة الحسين رضي الله عنه من أهل العراق مدخل عظيم.
وتقدم إبراهيم بن الأشتر يومئذ على فرس له أغر محجل حتى وقف بين الجمعين، ثم نادى بصوت جهوري (2): ألا يا شرطة الله! يا شيعة الحق! ألا يا أنصار الدين! قاتلوا المحلين وأولاد القاسطين، وأعوان الظالمين، وجنود ابن مرجانة اللعين، أيها الناس! لا تطلبوا أثرا بعد عين، هذا عبيد الله بن زياد، قاتل الحسين بن علي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم * هذا الذي حال بين الحسين وبين الماء الفرات أن يشربوه وهم ينظرون إليه، هذا الذي بعث إلى الحسين بن علي أن لا أمان لك عندي أو تنزل على حكمي، ثم عدا عليه فقتله وقتل أهل بيته، وساق حرم