إلى عبد الله بن الزبير: أما بعد فإني أخبر أمير المؤمنين أيده الله أن عامل المختار قدم الموصل وهو عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني، وقد كنت عزمت على محاربته ومنعه من الدخول إلى البلد، غير أن عامة أصحابي خذلوا واستأمنوا إليه فلم يكن لي بالرجل طاقة، فتنحيت من بين يديه إلى قرية يقال لها تكريت، فنزلتها أنتظر بذلك أمر أمير المؤمنين ورأيه - والسلام -. قال: فكتب إليه عبد الله بن الزبير: أما بعد فقد وصل إلي كتابك وفهمت الذي ذكرت فيه من تنحيك عن البلد، ولا عذر لك عندي في ذلك أن تخلي أرض الموصل وخراجها وحصونها ومزارعها، وتخرج عنها بلا قتال وقد أمرتك عليها، فأنت تأكل منها الكثير وتبعث إلي منها اليسير! فوالله لو لم تقاتلهم (1) مناصحة لأميرك وطلبا للثواب من الله تبارك وتعالى لقد كان يجب عليك أن تقاتل عن بلد أنت أميره! فلم تقاتل غضبا لربك ولا نصرة لإمامك ولا مخافة على سلطانك! فسوءة لما أتيت به ولما جاء منك! فلقد عجزت عن عدوك وضيعت ما وليتك - والسلام - ذكر محمد بن الأشعث وقدومه على المختار قال: وبلغ المختار أن محمد بن الأشعث مقيم بتكريت، فدعا بابنه عبد الرحمن فقال له: أنت في طاعتي وأبوك في طاعة عبد الله بن الزبير، ما الذي يمنعه من المسير إلي والدخول في طاعتي؟ أما والله لقد هممت أن أوجه إليه من يأتيني به يتل تلا فأفعل ما أضمر له في قلبي! أو ليس من قتلة الحسين بن علي!
أو ليس هو الذي قال للحسين يوم كربلا: وأي قرابة بينك وبين محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال فقال له عبد الرحمن: أعز الله الأمير! فأنا أخرج بإذنك فآتيك به شاء أو أبى إن شاء الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال: فأذن له المختار في ذلك.
فخرج عبد الرحمن من الكوفة حتى قدم على أبيه محمد بن الأشعث وهو نازل بتكريت، فدخل وسلم عليه ثم جلس، فقال له: ما وراءك يا بني؟ قال له: ورائي أن هذا الرجل قد ظهر على الكوفة وسائر البلاد، وقد استوسق له الأمر وأطاعه الناس، وقد سأل عنك وذكرك، أخاف أن يبطش بمن قتل الحسين بن علي فلم يترك منهم أحدا، وأنت ممن سار إلى الحسين، وليس جلوسك ههنا بشيء لأنه ليس معك جيش تمتنع به، وأنت بالكوفة أعز منك ههنا، وبعد فلا والله ما رأيت شيخا