قال: ثم أمر عبد الملك بن مروان برأس مصعب بن الزبير ورأس ابنه عيسى ورأس إبراهيم بن الأشتر، فحملت على رؤوس الرماح فطافوا بها في أجناد أهل الشام، فأنشأ حماد بن أبي ليلى يقول في ذلك:
إن الرزية يوم مس * كن والمصيبة والفجيعة بابن الحواري الذي * لم يخطه يوم الوقيعة غدرت به مضر العرا * ق وأمكنت منه ربيعه فأصبت ثأرك يا ربي * ع وكنت سامعة مطيعه يا لهفتي بالدير لو * كانت له بالدير شيعه أو لم يخونوا عهده * أهل العراق بني اللكيعه (1) قال: ثم سار عبد الملك بن مروان حتى قدم الكوفة وقد انهزم (2) الناس بين يديه، فدخل إلى قصر الإمارة ونادى في الناس فأعطاهم الأمان، ثم دعاهم إلى بيعته، فصاروا إليه طائعين غير مكرهين.
ذكر الكلام الشعبي (1) بين يدي عبد الملك بن مروان قال: والشعبي (4) يومئذ جالس في مجلسه بين يديه، فقال: يا أمير المؤمنين! ما رأيت شيئا هو أعجب من هذه الأمور، قال عبد الملك بن مروان:
وما ذاك يا شعبي؟ قال: دخلت هذا القصر فرأيت عبيد الله بن زياد في موضعك هذا قاعدا ورأس الحسين بن علي بين يديه، ثم دخلت بعد ذلك فرأيت المختار بن أبي عبيد قاعدا في موضعك هذا ورأس عبيد الله بن زياد بين يديه، ثم دخلت بعد ذلك فرأيت مصعب بن الزبير قاعدا في موضعك هذا ورأس المختار بن أبي عبيد بين يديه، وقد دخلت الآن فرأيت رأس مصعب بن الزبير بين يديك! قال (5): فقال عبد الملك بن مروان: صدقت يا شعبي! ولله عز وجل في أمره تدبير.