ثم أرسل إلى وجوه أهل العسكر فأختدعهم ثم مناهم وأوعدهم الغنائم، ثم قال: ما تصنعون بمحاربة عبيد الله بن زياد وأنتم لا تدرون ما يكون الأمر غدا، اتبعوني فإني أغنيكم وأغني عاقبتكم من بعدكم. قال: فأجابوه إلى ذلك. قال:
فخرج بهم من العسكر في جوف الليل، الواحد بعد الواحد، والاثنين بعد الاثنين، والثلاثة بعد الثلاثة، حتى اجتمع (1) ثلاثمائة رجل، فسار بهم عبيد الله بن الحر، فما أصبح إلى على عشرين فرسخا من تكريت، ثم أنشأ يقول أبياتا مطلعها:
عجبت سليمى أن رأتني ساحبا * خلق القميص بساعدي خدوش إلى آخرها. قال: وأصبح ابن الأشتر وقد فقد عبيد الله بن الحر، فاغتنم لذلك ولم يدر أي طريق سلك وظن أنه قد مضى مستأمنا إلى عبيد الله بن زياد.
قال: وجعل ابن الحر لا يمر ببلد إلا أغار على أهله حتى جمع مالا عظيما، قال لأصحابه: اقسموا هذا المال بينكم، فلا حاجة لي إلى شيء منه. قال:
فاقتسموا ذلك المال بقلنسوة رجل منهم، فأنشأ ابن الحر يقول أبياتا مطلعها.
أنا الحر وابن الحر يحمل منكبي * طوال الهوادي مشرفات الحوارك إلى آخرها. قال: وجعل كل من كان مبغضا للمختار يصير إلى عبيد الله بن الحر، حتى صار ابن الحر في خمسمائة فارس، وبلغ ذلك إبراهيم بن الأشتر فكتب إلى المختار يعلمه بذلك، فقال: قد كان ابن الأشتر أعرف به مني، ولكني لم أقبل منه.
قال: وأقبل ابن الحر حتى صار إلى هيت وبها يومئذ نائب المختار، فكبسها ابن الحر وقتل نائبها وأخذ أموالها. ثم سار إلى الأنبار وبها يومئذ نائب للمختار، فكبسها وقتل نائبها، واحتوى على بيت المال فأصاب فيه مالا جزيلا. فقال لأصحابه: اقتسموا هذا المال بينكم! قال: فاقتسموه بقلنسوة رجل يقال له دلهم بن زياد المرادي وكانت على مثال المكوك، ثم أنشأ ابن الحر يقول أبياتا مطلعها:
أنا الحر وابن الحر يحمل منكبي * شديد القصيري في العباد رحيل إلى آخرها. قال: وبلغ ذلك المختار فضاقت عليه الأرض بما رحبت، ولم يدر