إذا كنت ذا رمح وسيف مصمم * على سابح أدناك مما تؤمل وإنك إن لم تركب الهول لم تنل، من المال ما يرضى الصديق ويفضل إذ المرء لا قاني ومل حياته * فلست أبالي أينا كان أول ثم إن مصعبا كتب إليه كتابا: أما بعد، يا بن الحر! فإن حلمي هو الذي يردعني من أن أعجل عليك، ولو أردت ذلك لما عظم علي أمرك ولو كنت في جيش بعدد خوص العراقين، فالله الله في نفسك انظر لها غيرك، واقبل إلى العاقبة، واكفف عما أنت عليه، وسلني أي عمل شئت وأحببت حتى أوليك إياه، لا يعترض عليك معترض، وإن أبيت سرت إليك بنفسي وخيلي ورجلي، واستعنت الله عليك - والسلام -.
قال: فكتب إليه ابن الحر: أما بعد، يا بن الزبير! فإن كتابك ورد علي فقرأته، وفهمت ما فيه وما دعوتني (1) إليه من طاعتك والكف عن محاربتك، ووالله لقد دعاني إلى نصره من هو خير منك أما وأبا وأصلا وحسبا (2) وفرعا وحسبا الحسين بن علي وفاطمة الزهراء فلم أنصره، وإني على ذلك لمن النادمين، وأظن أني لمن الخاسرين، إلا أن يداركني رحمة رب العالمين، وأما وعيدك إياي المسير إلي بخيلك ورجلك فأنت وأصحابك أهون علي من جرامقة الجزيرة على عرب الحجاز - والسلام -. ثم أثبت في أسفل كتابه أبياتا مطلعها:
أتاني وعيد ابن الزبير فلم أرع * وما مثل قلبي بالوعيد مروع إلى آخرها.
قال: ثم مضى عبيد الله بن الحر فجعل يغير على السواد يمنة ويسرة، فيهزم الرجال ويحوي الأموال فيقسمها في أصحابه، ثم أمر فجعل يقطع البلاد، حتى صار إلى مدينة يقال لها تكريت على شاطئ الدجلة، وبها يومئذ عامل المهلب بن أبي صفرة فأخذه عبيد الله بن الحر فضرب عنقه صبرا (3)، ثم دخل إلى مدينة تكريت فاحتوى على أموالها. ثم سار منها يريد الموصل، وبها يومئذ المهلب بن أبي صفرة من قبل مصعب بن الزبير، فلما بلغه خبر عبيد الله بن الحر سار إليه في أربعة آلاف