المجن، وقد أتيتهم بمكة والبصرة ناصرا ومعينا، فما شكروا ولا حفظوا ولا رعوا إلي حقا، لكنهم سجنوني وقيدوني فضيقوا علي جهدهم وطاقتهم - والسلام -. قال ثم أنشأ يقول:
وقدما أتينا أن يقر ظلامه * وقدما وثقنا كل فتق من الأمر وكم من أبي قد سلبناه وقره * بأسيافنا حتى أقام على العسر بضرب يزيل الهام عن سكناته * وطعن بأطراف المثقفة السمر ومن شيعة المختار قبل سقيتها * بضرب على هاماتهم مبطل السحر قال: ثم سار ابن الحر إلى موضع يقال له عين التمر، وبعين التمر يومئذ رجل يقال له بسطام بن مصقلة بن هبيرة الشيباني في خمسمائة فارس (1)، فلما علم أن ابن الحر قد وافاه خرج إليه في أصحابه ودنا (2) القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا ساعة، فقتل من أصحاب بسطام ثلاثون رجلا وانهزم بسطام في باقي أصحابه، ودخل عبيد الله بن الحر إلى عين التمر فأخذ أموالها وقسمها في أصحابه. وبلغ ذلك بسطام بن مصقلة فرجع إلى حرب ابن الحر ثانية، فلما توافت الجيشان ودنا بعضهم من بعض نادى بسطام بأعلى صوته: يا بن الحر! هل لك في مبارزتي؟ قال:
فتبسم ابن الحر ثم قال: شر دهرك آخره، والله ما ظننت أن مثلك يسألني المبارزة أيام حياتي. ثم حمل كل واحد منهما على صاحبه فاعتنقا جميعا وخرا عن فرسيهما إلى الأرض، فاستوى عبيد الله بن الحر على صدر بسطام فأخذه أسيرا، وولى (3) أصحاب بسطام منهزمين وقد قتل منهم جماعة، وأسر منهم جماعة وهي مائة وعشرون رجلا، فنظر إليهم ابن الحر فإذا عامتهم من بني عمه من الأزد ومذحج وقبائل اليمن، فقال: سوءة لكم يا معشر اليمن! إذ كنتم قومي وعشيرتي وتضربون في وجهي بالسيف مع مصعب بن الزبير، أما والله لو لا أن أخشى العرب أن تحدث عني أني قتلت قومي وعشائري صبرا لما نجا منكم أحد، ولكن امضوا إلى قومكم فإنني قد مننت عليكم بأرواحكم. قال: فأطلقهم عبيد الله بن الحر عن آخرهم، ولم يقتل منهم أحد إلا من قتل في المعركة، ثم أنشأ يقول أبياتا مطلعها: