أجله، ولم نعلم الذي في قلبه، والآن فالأمير - أصلحه الله - أعلى به عينا.
قال: فعندها دعا مصعب بن الزبير برجل من فرسانه يقال له كريب بن زيد المازني، فضم إليه ألف رجل من فرسان أهل الكوفة والبصرة، ووجه بهم نحو عبيد الله بن الحر.
قال: فخرجت الخيل من الكوفة، وبلغ ذلك ابن الحر، فسار إليهم في أصحابه، حتى إذ هو وافى بهم بموضع يقال له الزنين (1)، فقاتلهم هنالك قتالا شديدا، فقتل من أصحابه نفر يسر، وقتل من أصحابه مصعب بن الزبير جماعة، وولي الباقون أدبارهم هرابا نحو الكوفة، فأنشأ ابن الحر يقول أبياتا مطلعها:
أقول لفتياني الصعاليك أسرجوا * عناجيج أذني سيرهن وجيف إلى آخرها.
قال: ثم أقبل عبيد الله بن الحر على أصحابه فقال: أخبروني عنكم يا معاشر العرب لماذا نعقد لآل الزبير بيعة في أعناقنا؟ فو الله ما هو بأشجع منا لقاء، ولا أعظم منا غني (2)، ولقد عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى آبائنا من قبل بأن الأئمة من قريش، منا غنى (2)، ولقد عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى آبائنا من قبل بأن الأئمة من قريش، فاستقيموا لهم ما استقاموا لكم، فإذا نكثوا أو غذروا فضعوا سيوفكم على عواتقكم ثم سيروا إليهم قدما قدما حتى تبيدوا خضراءهم، وبعد فإن هذا الأمر لا يصلح إلا لمثل خلفائكم الماضين مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فو الله لا نرى لهؤلاء فينا يدا فنكافيهم عليها، ولا نبذل لهم نصحا، ولا نلقي إليهم أزمتنا، لأننا ما رأينا بعد الأئمة الماضين إلى وقتنا هذا إماما صالحا، وقد علمتم أن قوي الدنيا ضعيف الآخرة، [فعلام تستحل حرمتنا] (3) ونحن أصحاب القادسية والمدائن وجلولاء وحلوان ونهاوند، وما كان بعد ذلك نلقى الأسنة بنحورنا، والسهام بصدورنا، والسيوف بجباهنا، وحر وجوهنا، وإلا فليس يعرف لنا فضل ولا يعطى حقنا، ولا يلتفت إلينا، فقاتلوا عن حريمكم وذودوا عن فيئكم، فإن ظفرنا بما نريد فذاك حتى يرجع الحق إلى أهله، وإن قتلنا شهداء دون حريمنا وأموالنا وأهالينا، فأي الأمرين كان لكم فيه الفضل؟ ألا! إني قد أظهرت لهؤلاء العداوة والشحناء وقلبت لهم ظهر