ناله فيها فأنشأ يقول أبياتا مطلعها:
فإن تك خيلي يوم تكريت أجمحت * وقتل فرساني فما كنت دانيا إلى آخرها. قال: ثم بعث عبيد الله بن الحر برجال من أصحابه في جوف الليل إلى عمرو بن جندب وأصحابه القتلى، فدفنوا على شاطئ الفرات حذاء مدينة تكريت، ثم أقبل راجعا نحو الكوفة وهو يقول:
وأبيض قد نبهته بعد هجعة * فقام يشد السرج والمرء ناعس عليه دلاص كالأضاة وبيضة * تضيء كما يذكى من النار قابس ثم أقبل حتى نزل قريبا من الكوفة وبلغ ذلك مصعب بن الزبير فدعا بحجار (1) بن أبجر العجلي فضم إليه خمسة آلاف فارس ووجه بهم نحو عبيد الله بن الحر، فسارت الخيل من الكوفة حتى وافته بموضع يقال له دير الأعور، ودنا القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا، فقتل من أصحاب عبيد الله بن الحر جماعة وفشت فيهم الجراحات، وذلك في أول النهار، ثم وقعت الهزيمة بعد ذلك على أصحاب مصعب بن الزبير، فانهزموا حتى تقاربوا من الكوفة وقد قتل منهم من قتل، واحتوى عبيد الله بن الحر على ما قدر (2) عليه من دواب القوم وأسلحتهم وأسلابهم.
ثم أقبل ابن الحر حتى نزل بموضع يقال له صرصر فعسكر هنالك، وجعل مصعب بن الزبير يجمع له الجموع حتى اجتمع إليه نيف عن سبعة آلاف فارس، فضمهم مصعب بن الزبير إلى مسلم بن عمرو (3) الباهلي والحجاج بن حارثة الخثعمي. قال: وسارت العساكر من الكوفة نحو عبيد الله بن الحر حتى وافوه على نهر صرصر، وقد التأم (4) إلى الناس فصار في ألف وثلاثمائة فارس ما منهم إلا فارس مذكور. قال: ودنا (5) القوم بعضهم من بعض، واستأمن قوم من أصحاب مصعب بن الزبير إلى عبيد الله بن الحر، فلما رأى أصحاب مصعب ذلك وقع فيهم الفشل، فانهزموا متفرقين في البلاد، وغنم ابن الحر وأصحابه ما كان لهم من مال ودواب وسلاح، ثم أنشأ وجعل يقول أبياتا مطلعها: