خمسمائة رجل ما فيهم أحد إلا وعليه درع سابغ وبيضة محكمة. قال: فعندها عزم عبيد الله بن الحر على الغارة، ثم كتب إلى مصعب بن الزبير بهذه الأبيات:
فلا كوفة أمي ولا بصرة أبي * ولا أنا يثنيني عن الرحلة الكسل (1) فلا تحسبني ابن الزبير كنا عس * إذا حل أغفى أو يقال له ارتحل فإن لم أزرك الخيل تردي عوابسا * بفرسانها حولي فما أنا بالبطل (2) وإن لم تر الغارات من كل جانب * عليك وتندم عاجلا أيها الرجل فلا وضعت عندي حصان قناعها * فلا تجد عيني (3) بالأماني والعلل فإنك لو أعطيتني خرج فارس * وأرض سواد كلها وقرى الجبل وجدك لم أقبل ولم آت خطة * تسرك فآيس من رجوعي لك الهبل بل الدهر أو تأتيك خيل عوابس * شوازب قب تحمل البيض والأسل بفتيان صدق لا ضغاين بينهم * يواسون من أقوى ويعطون من سأل ألم يأتكم يوم العذيب تجالدي * به شيعة المختار بالمفصل الأقل وبالقصر قد جربتموني فلم أحم * ولم أك وقافا ولا طائشا فشل ويا رزأ أقوام بقصر مقاتل * وضاربت فرسانا ونازلت من نزل قال: ثم سار عبيد الله بن الحر في أصحابه حتى صار إلى موضع يقال له نفر (4)، فأغار على البلاد وأخذ الأموال ففرقها على أصحابه، ثم سار إلى موضع يقال له كسكر ففعل مثل ذلك. قال: فلم يزل ابن الحر على ذلك من شأنه يغير على البلاد ويقتل الرجال ويحوي الأموال، وبلغ ذلك مصعب بن الزبير فأرسل إلى إبراهيم بن الأشتر ووجوه أهل الكوفة فدعاهم، ثم قال: هذا عبيد الله بن الحر الذي كلمتموني فيه حتى أخرجته من السجن وأكرمته بغاية الإكرام، فخرج من الكوفة سرا واجتمع إليه من اجتمع، فالآن هو يفعل ما يفعل. قال فقال القوم: أصلح الله الأمير! نحن إنما كلمناك في أمره لأننا رأينا أهل المصر قد فسدت قلوبهم عليك من