خذله وقعد عنه، فقام في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (1): أما بعد يا أهل الكوفة! فإن أهل مصركم الذين بغوا عليكم، وقتلوا ابن بنت نبيكم الحسين بن علي، قد كانوا لجأوا إلى أمثالهم من الفاسقين، فاستعانوا بهم عليكم، لما علموا أن ابن الأشتر خذلني وقعد عن نصرتي، وقد بلغني أنهم خرجوا من البصرة في جيش لجب إلى قبلكم، وإنما يريدون قتلي ليضمحل الحق، وينتعش الباطل، ويقتل أولياء الله، ألا فانتدبوا رحمكم الله مع الأحمر بن شميط (2) البجلي، فإني أرجو أن يهلكهم الله على أيديكم هلاك عاد وثمود وما ذلك على الله بعزيز. قال: فأجابه (3) الناس إلى ذلك من كل جانب وقالوا: سمعنا وأطعنا.
ثم خرج وخرج بهم الأحمر بن شميط حتى عسكر بهم على موضع يقال له حمام أعين، وخرج إليه أمراء الأجناد فعسكروا معه في قريب من ثلاثة آلاف فارس وراجل، ثم سار الأحمر بأهل الكوفة حتى نزل المذار (4) وأقبل إليه مصعب بن الزبير حتى نزل قريبا منه في سبعة آلاف ما بين فارس وراجل ودنا القوم بعضهم من بعض، وتقدم عباد بن الحصين الحبطي (5) حتى وقف بين الجمعين ثم نادى بأعلى صوته:
ألا يا شيعة المختار! إننا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى بيعة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير. قال: فقال عبد الله بن كامل الهمداني: ونحن أيضا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى بيعة المختار بن [أبي] عبيد، وإلى أن نجعل هذا الأمر شورى في آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فمن زعم أنه أحق بهذا الأمر منهم برئنا منه في الدنيا والآخرة وجاهدناه حق الجهاد.
قال: فلما سمع مصعب بن الزبير ذلك غضب فقال: احملوا عليهم! فحمل عباد بن الحصين في قبيلة عظيمة على أصحاب المختار، فلم يزل منهم واحد عن موقفه قال: فعندها صاح محمد بن الأشعث وقال: يا أهل العراق! إلى متى