قال: فدعا المهلب برؤساء أصحابه فأحضرهم بين يديه، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس! إن الأزارقة ليس يريدون إلا ما في أيديهم، والمختار يريد ما يكون في أيديكم، وهذا كتاب مصعب بن الزبير يأمرني فيه بالقدوم عليه، فاستمعوا له وأطيعوا أمره! فو الله ما رأيت صوابا قط إلا سبقني إليه، وقد تعلمون أنه ليث عبوس، للأقران فروس، وهو خليفتي عليكم (1) إلى حين رجوعي إليكم - إن شاء الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم -.
قال: ثم ودع المهلب أولاده وأهل عسكره، وسار في ألف رجل من فرسان عسكره حتى قدم البصرة، ودخل على مصعب بن الزبير، فقربه وأدناه وأجلسه معه على سريره، وأمر له بخلعة وجائزة ثم أمره بالتأهب إلى محاربة المختار. فقال له المهلب: أيها الأمير! أنا متأهب لك فاعزم إذا شئت! قال: فعندها أمر مصعب عسكره وأصحابه أن يعسكروا عند الجسر الأعظم. ثم خرج وخرج (2) الناس معه من البصرة، وجعل على كل قبيلة من قبائل العرب رئيسا يقتدون به وبرأيه وينتهون إلى أمره، فعلى قريش وأحلافها عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وعلى بني تميم كلها الأحنف بن قيس التيمي، وعلى قيس عيلان قيس بن الهيثم (3) السلمي، وعلى بني بكر بن وائل مالك بن مسمع الجحدري، وعلى قبائل عبد القيس مالك بن المنذر بن الجارود العبدي، وعلى قبائل كندة محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وعلى قبائل مذحج عبيد الله بن الحر الجعفي، وعلى قبائل الأزد يومئذ المهلب بن أبي صفرة.
قال: وبلغ ذلك المختار فعلم أنه قد أوتي من قبل إبراهيم بن الأشتر، لأنه قد