كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٦ - الصفحة ٢٧٥
عبيد الله بن الحر فحمل عليهم بأصحابه، فجعل يقاتلهم ويسوق امرأته بين يديه ولم يتبعه أحد من أصحاب المختار، فأنشأ يقول أبياتا مطلعها (1):
ألم تعلمي يا أم توبة أنني * أنا الفارس الحامي حقيقة (2) مذحج إلى آخرها.
قال: ثم نزل عبيد الله بن الحر على ميلين من الكوفة، والمختار يظن أنه قد رحل ومضى، حتى إذا كان الليل عبى أصحابه وأقبل رويدا حتى كبس الكوفة من ناحية قبائل همدان، فوقع بحي منهم يقال لهم بنو شبام (3) فقاتلهم وقاتلوه ساعة، ثم قصده مولى لهم يقال له الأحمق، والتقيا بضربتين بادره عبيد الله بن الحر بضربة أبدى عن دماغه فسقط قتيلا، ثم حمل عليهم ففرقهم يمنة ويسرة، ثم قال لأصحابه: انصرفوا عنهم الآن فقد أدركت من حي شبام ما أردت ليلتي هذه، ثم أنشأ عبيد الله (4) بن الحر يقول أبياتا مطلعها:
صبحت شباما غارة مشمعلة * وأخرى نشاهدها صباحا لشاكر إلى آخرها. قال: وأرسل المختار إلى قبائل همدان من أرحب وشبام وشاكر والسبيع ويام، فقال: شوه لكم يا معشر همدان! أن يكون رجل منكم يأتي في نفر من هؤلاء المتلصصة فيكبس دياركم، ثم يقتل ويفعل ويخرج ويخرج عنكم سالما، أما لكم أنفة؟ أما فيكم من يخاف أن يعير بهذا آخر الدهر؟ قال فقال (5) القوم: كفيت أيها الأمير! وأي ذلك لعار علينا كما ذكرت، غير أننا عزمنا على المسير إليه حيث كان، وليس نرجع إليك إلا برأسه، فأبشر لذلك وقر عينا.
قال: ثم اجتمعت قبائل همدان في ثلاثمائة فارس، حتى وافوا الكوفة في

(١) الأبيات في الطبري ٦ / ١٢٩ وابن الأثير ٣ / ٢٦.
(٢) في الطبري وابن الأثير: حقائق.
(٣) وكان عبيد الله بن الحر قد أبلغ أن عمرو بن سعيد بن قيس الهمداني هو الذي هدم منزله واقتاد امرأته (الأخبار الطوال ص ٢٩٧ الطبري 6 / 130) وقد أشار عبيد الله إلى ذلك بقوله:
وما ترك الكذاب من جل مالنا * ولا الرزق من همدان غير شريد أفي الحق أن ينهب ضياعي شاكر * وتأمن عندي ضيعة ابن سعيد (4) الأصل: عبد الله.
(5) الأصل: فقالوا.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست