درهم، فبع سيفي ودرعي فاقضها عني، وإذا قتلت فاستوهب جثتي من ابن زياد فوارها، وابعث إلى الحسين (عليه السلام) من يرده، فإني كتبت إليه وأعلمته أن الناس معه ولا أراه إلا مقبلا ومعه تسعون إنسانا بين رجل وامرأة وطفل.
فقال عمر لابن زياد: أتدري أيها الأمير ما قال لي؟
فقال له ابن زياد - على ما رواه في العقد الفريد (1) -: اكتم على ابن عمك.
قال: هو أعظم من ذلك، إنه ذكر كذا وكذا.
فقال له ابن زياد: إنه لا يخونك الأمين، ولكن قد ائتمن الخائن، أما ماله فهو له، ولسنا نمنعك أن تصنع به ما أحببت، وأما جثته فإنا لا نبالي إذا قتلناه ما صنع بها، وأما حسين فإن هو لم يردنا لم نرده.
ثم قال لعمر بن سعد: أما والله إذ دللت عليه لا يقاتله أحد غيرك.
ثم أقبل ابن زياد على مسلم يشتمه ويشتم الحسين وعليا وعقيلا، ومسلم لا يكلمه، ثم قال ابن زياد: اصعدوا به فوق القصر وادعوا بكير بن حمران الأحمري الذي ضربه مسلم.
فصعدوا به وهو يكبر ويستغفر الله ويصلي على رسوله ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا وخذلونا.
فأشرف به على موضع الحذائين، فضرب عنقه بكير بن حمران ثم أتبع رأسه جسده من أعلا القصر.
وكان مقتل مسلم (رضي الله عنه) يوم الأربعاء في اليوم الثامن من ذي الحجة - يوم التروية - وهو اليوم الذي خرج فيه الحسين (عليه السلام) يقصد الكوفة ملبيا دعوتها.
وجاء الحسين (عليه السلام) هذا النبأ المفجع وهو بزرود (2)، فلم يبد من مظاهر الحزن سوى الاسترجاع، وأخفى كل حزنه في أعماق قلبه، لأن العيون لدى الشدائد شاخصة إلى الزعيم، فإن بدا عليه لائحة حزن عم الغم أحباءه، وتوهم كل منهم ما شاء الله أن يتوهم.
ولما شاع نعي مسلم في ركب الحسين (عليه السلام) وانقلاب الكوفة ضده بعد أن كانت المطمع الوحيد لتحقيق آمال أهله وصحبه، صار كثير من ذوي الطمع وذباب