الكوفة ما قصدها جبار بسوء إلا وانتقم الله منه إن الكوفة نزلت بها النوازل، وحدثت فيها الحوادث، وحكمت فيها الجبابرة، وإن الله عاقبهم وأهلكهم، لأن من فضلها ما قصدها جبار إلا وانتقم الله منه.
ذكر المجلسي في السماء والعالم: فقال: من كلام له (عليه السلام) يعني أمير المؤمنين في ذكر الكوفة: «كأني بك يا كوفة تمدين مد الأديم العكاظي، تعركين بالنوازل، وتركبين بالزلازل، وأني لأعلم أنه ما أراد بك جبار سوء إلا ابتلاه الله بشاغل، أو رماه بقاتل».
قال المجلسي: بيان، الأديم: الجلد المدبوغ، وعكاظ: بالضم موضع بناحية مكة كانت العرب تجتمع فيه في كل سنة، ويقيمون به سوقا مدة شهر، ويتعاكظون: أي يتفاخرون ويتناشدون، وينسب إليه الأديم لكثرة البيع فيه، والأديم العكاظي: مستحكم الدباغ شديد المد وذلك وجه الشبه، والعرك: الدلك والحك، وعركه: أي حمل عليه الشر، وعركت القوم الحرب إذا مارستهم حتى أتعبتهم، والنوازل: المصائب والشدائد، والزلازل: البلايا، وتركبين: على بناء المجهول كالفعلين السابقين، أي تجعلين مركوبة لها أو بها على أن تكون الباء للسببية كالسابقة، والشدائد التي أصابت الكوفة وأهلها معروفة مذكورة في السير.
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «هذه مدينتنا ومحلنا ومقر شيعتنا».
وعن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «تربة تحبنا ونحبها».
وعنه (عليه السلام): «اللهم ارم من رماها وعاد من عاداها» (1).
وذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج الخطبة كما ذكرها المجلسي، ثم قال قوله: تمدين مد الأديم، استعارة لما ينالها من العسف والخبط، وقوله: تعركين، من عركت القوم الحرب إذا مارستهم حتى أتعبتهم (2).